كيف تؤثر الرياضة على صحتك النفسية

الدكتورة هبه الزعبي

الدكتورة هبه الزعبي

طبيبة

 
 

 أنت تعرف أن الرياضة مفيدة لجسمك، ولكن هل تعلم أنها فعالة أيضًا في التعامل مع الاكتئاب والقلق والتوتر والمزيد؟


  ما هي فوائد الرياضة على الصحة النفسية؟


 لا يقتصر التمرين على فقدان الوزن وحجم العضلات. التمارين الرياضية يمكن أن تحسن صحتك البدنية، وتقلص محيط خصرك، وحتى تضيف سنوات إلى حياتك. ولكن، يميل الأشخاص الذين يمارسون الرياضة بانتظام إلى القيام بذلك لأنه يمنحهم شعوراً هائلاً بالراحة، حيث يشعرون بمزيد من الحيوية طوال اليوم، وينامون بشكل أفضل في الليل، ولديهم ذاكرة أكثر حدة ويشعرون بمزيد من الاسترخاء والإيجابية عن أنفسهم وحياتهم. والرياضة تعد أيضًا دواء قوي للعديد من تحديات الصحة العقلية الشائعة.



 يمكن أن يكون للتمرين المنتظم تأثير إيجابي عميق على الاكتئاب والقلق واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والمزيد، كما أنه يخفف الضغط، ويحسن الذاكرة، ويساعدك على النوم بشكل أفضل، ويعزز مزاجك بشكل عام. ليس عليك أن تتمرن يومياً أو لعدد ساعات طويلة لكي يتحسن مزاجك حيث تشير الأبحاث إلى أن التمارين البسيطة يمكن أن تحدث فرقًا.  بغض النظر عن عمرك أو مستوى لياقتك، يمكنك تعلم استخدام التمرين كأداة قوية للشعور بالتحسن.


الرياضة والشعور بالاكتئاب


 تظهر الدراسات أن التمارين يمكن أن تعالج الاكتئاب الخفيف إلى المتوسط ​​بنفس فعالية الأدوية المضادة للاكتئاب - ولكن دون آثار جانبية بالطبع. على سبيل المثال، دراسة حديثة أجرتها جامعة هارفارد تفيد بأن مدرسة تشان للصحة العامة أثبتت أن الجري لمدة ١٥ دقيقة في اليوم أو المشي لمدة ساعة يقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب الشديد بنسبة ٢٦٪؜ وبالإضافة إلى تخفيف أعراض الاكتئاب، تُظهر الأبحاث أيضًا أن الحفاظ على جدول زمني للتمرين يمكن أن يمنعك من الانتكاس.


التمرين هو مقاتل قوي للإكتئاب لعدة أسباب، والأهم من ذلك، أنه يعزز جميع أنواع التغيير في المخ، بما في ذلك النمو العصبي، وانخفاض الالتهاب، وأنماط النشاط الجديدة التي تعزز مشاعر الهدوء والسعادة. كما أنها تطلق الاندورفين (مواد كيميائية قوية في دماغك تنشط معنوياتك وتجعلك تشعر بالراحة). 

وأخيرًا، يمكن أن يكون التمرين بمثابة إلهاء، مما يسمح لك بإيجاد بعض الوقت الهادئ للخروج من دائرة الأفكار السلبية التي تغذي الاكتئاب.


الرياضة والشعور بالقلق


 الرياضة علاج طبيعي وفعال للقلق ويخفف التوتر ويعزز الطاقة الجسدية والعقلية، ويعزز الشعور بالسعادة من خلال إطلاق الاندورفين. أي شيء يحرك الجسد يمكن أن يساعدك. حاول أيضاً ملاحظة الإحساس بقدميك على الأرض، أو إيقاع تنفسك، أو الشعور بالرياح على جلدك.  وعنصر اليقظة الذهنية هذا لن يحسن ذلك حالتك الجسدية بشكل أسرع فحسب، بل قد تتمكن أيضًا من مقاطعة تدفق المخاوف المستمرة التي تمر عبر رأسك.


الرياضة والشعور بالضغط


 هل لاحظت من قبل كيف يشعر جسدك عندما تكون تحت ضغط؟  قد تكون عضلاتك متوترة، خاصة عضلات وجهك ورقبتك وكتفيك، مما يجعلك تعاني من آلام الظهر أو الرقبة أو الصداع المؤلم. قد تشعر بضيق في صدرك أو تقلصات عضلية، وقد تواجه أيضًا مشاكل مثل الأرق أو حرقة المعدة أو وجع المعدة أو الإسهال أو التبول المتكرر.  ويمكن أن يؤدي القلق والانزعاج من جميع هذه الأعراض الجسدية بدوره إلى مزيد من الضغط، مما يخلُق حلقة مفرغة بين عقلك وجسمك.

 التمرين طريقة فعالة لكسر هذه الحلقة. بالإضافة إلى إطلاق الاندورفين في المخ، يساعد النشاط البدني على إرخاء العضلات وتخفيف التوتر في الجسم بما أن الجسم والعقل مرتبطان ارتباطًا وثيقًا، عندما يشعر جسمك بتحسن، فإن عقلك سيتحسن أيضًا.


الرياضة وحالة الاضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) 


 تشير الدلائل إلى أنه من خلال التركيز على جسدك والشعور الذي تشعر به أثناء ممارسة الرياضة، يمكنك بالفعل مساعدة جهازك العصبي على ألا يصبح عالقاً في حالة الاضطراب ما بعد الصدمة أو أي صدمة من أي نوع، وتحرره من هذا الضغط. بدلًا من أن تمارس الرياضة فقط لكي يتحرك جسدك، انتبه جيداً لما يشعر به جسدك أثناء التمرين وانتبه أيضاً لشعورك الداخلي. أثبتت الأنشطة الخارجية مثل المشي لمسافات طويلة والإبحار وركوب الدراجات في الجبال وتسلق الصخور والتزلج؛ على أنها تقلل من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة.


القليل من النشاط أفضل من لا شيء


 إذا كان هذا لا يزال يبدو مخيفًا، فلا تيأس، فحتى بضع دقائق من النشاط البدني أفضل من لا شيء على الإطلاق. إذا لم يكن لديك وقت لممارسة التمارين لمدة ١٥ أو ٣٠ دقيقة، أو إذا أخبرك جسمك أن تأخذ استراحة بعد ٥ أو ١٠ دقائق، على سبيل المثال، فلا بأس أيضًا. كلما مارست تمارين رياضية أكثر، ستمتلك طاقة أكبر، لذا ستشعر في النهاية بالاستعداد للمزيد. المفتاح هو الالتزام ببعض النشاط البدني المعتدل - مهما كان قليلًا - في معظم الأيام. عندما يصبح التمرين عادة ، يمكنك إضافة دقائق إضافية ببطء أو تجربة أنواع مختلفة من الأنشطة. إذا استمريت في ذلك، ستبدأ فوائد التمارين تؤتي ثمارها.


لا تجد الوقت لممارسة الرياضة خلال الأسبوع؟  كن محاربًا في عطلة نهاية الأسبوع.


 وجدت دراسة حديثة في المملكة المتحدة أن الأشخاص الذين يمارسون الرياضة في يومين خلال عطلة نهاية الأسبوع، يشعرون من العديد من الفوائد الصحية مثل أولئك الذين يمارسون الرياضة على مدار الأسبوع. لذا، لا تدع الجدول الزمني المزدحم في العمل أو المنزل أو المدرسة يكون عذرًا لتجنب النشاط. تحرك كلما أمكنك العثور على الوقت - سيشكرك عقلك وجسدك!



ابدأ في ممارسة الرياضة عندما تكون قلقًا أو مكتئبًا


 يجد الكثير منا الصعوبة الكافية لتحفيز أنفسنا على ممارسة الرياضة، وعندما نشعر بالاكتئاب أو القلق أو التوتر أو نعاني من مشاكل نفسية أو عاطفية أخرى، فقد يبدو الأمر أصعب بطريقة مضاعفة. هذا ينطبق بشكل خاص على الاكتئاب والقلق، مما قد يجعلك تشعر بأنك محاصَر. أنت تعرف أن التمرين سيجعلك تشعر بتحسن، لكن الاكتئاب قد حرمك من الطاقة والتحفيز الذي تحتاجه لممارسة التمارين الرياضية، أو قلقك الاجتماعي يعني أنك لا تستطيع تحمل التفكير في الظهور في الصالة الرياضية  أو الجري في الحديقة. 

فعندما تكون تحت سحابة من اضطراب عاطفي ولم تمارس الرياضة لفترة طويلة، فإن وضعت أهداف يصعب تحقيقها مثل إكمال ماراثون أو ممارسة التمارين لمدة ساعة كل صباح سيجعلك ذلك تشعر باليأس أكثر إذا فشلت. من الأفضل وضع أهداف قابلة للتحقيق والبناء عليها من هناك.



إذا أعجبتك المقالة، قم بنشرها على مواقع التواصل الإجتماعي الخاصة بك، و لقراءة المزيد من المقالات، قم بتصفح موقعنا: https://www.jawabkom.com/

في الأخبار