إن الديجافو، أو وهم سبق الرؤية، هو الإحساس الغريب بأنك قد اختبرت مشهدًا ما بالفعل، حتى عندما تعلم أنك لم تختبره أبدًا. لنفترض أنك ذهبت للتجديف للمرة الأولى، أنت لم تفعل شيئًا مثل ذلك من قبل، ولكنك تشعر فجأة وكأنك قمت بهذه الحركات من قبل، وأنك عشت هذه التجربة، لكنك لا تفهم كيف. أو ربما تستكشف مدينة جديدة لأول مرة، وتشعر في الحال كما لو أنك قد مشيت في ذلك الممر من قبل. قد تشعر ببعض الارتباك وتتساءل عما يحدث، خاصةً إذا كنت تعاني من الديجافو للمرة الأولى، ولكن ليس هناك ما يدعو للقلق. على الرغم من أن الديجافو يمكن أن يختبره الأشخاص المصابين بصرع الفص الصدغي، إلا أنه يحدث أيضًا عند الأشخاص الذين لا يعانون من أي مشاكل صحية. إن الخبراء لديهم بعض النظريات حول الأسباب الكامنة الأكثر احتمالًا وراء حدوث الديجافو.
أسباب حدوث الديجافو
لا يمكن للباحثين دراسة الديجافو بسهولة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى حدوثه دون سابق إنذار. علاوةً على ذلك، تميل تجارب الديجافو إلى الانتهاء بسرعة شديدة. قد يكون الإحساس عابرًا لدرجة أنك إذا كنت لا تعرف الكثير عن ديجافو، فقد لا تدرك حتى ما حدث للتو. قد تشعر بعدم الاستقرار بعض الشيء، ولكن سرعان ما سوف تتجاهل هذا الشعور. يقترح الخبراء عدة أسباب مختلفة للديجافو. يتفق معظمهم على الأرجح على أنها تتعلق بالذاكرة بطريقة ما. فيما يلي بعض النظريات المقبولة على نطاق واسع.
1- نظرية الانقسام
تشير نظرية الانقسام إلى أن الديجافو يحدث عندما ترى شيئًا في وقتين مختلفين. في المرة الأولى التي ترى فيها شيئًا ما، قد لا تركز معه أو قد يتشتت انتباهك. يمكن لعقلك حينها أن يبدأ في تكوين ذاكرة لما تراه حتى مع الكمية المحدودة من المعلومات التي تحصل عليها من لمحة موجزة وغير مكتملة. إذا لم تركز في نظرتك الأولى لشيء ما وتعطيه انتباهك الكامل، فقد تعتقد أنك تراه للمرة الأولى إذا رأيته مرة أخرى. لكن عقلك يتذكر التصور السابق، حتى لو لم يكن لديك وعي كامل بما كنت تراقبه. لهذا السبب، قد تعاني من ديجافو.
2- خلل في المخ
تشير نظرية أخرى إلى أن الإنسان قد يختبر الديجافو عندما يحدث "خلل" في المخ، أو بمعنى آخر، عندما يعاني المرء من مشاكل في كهرباء المخ - وهو شبيه لما يحدث أثناء نوبة الصرع. يمكن لهذا أن يكون نوع من الخلط عندما يكون كل من الجزء الذي يتتبع الأحداث الحالية في المخ، والجزء الذي يتذكر الذكريات، نشطين. حينها، يظن المخ أن ما يحدث في الوقت الحاضر ذكرى، أو شيء قد حدث بالفعل في الماضي. هذا النوع من الخلل الوظيفي في المخ بشكل عام لا يدعو للقلق إلا إذا حدث بشكل منتظم.
3- معالجة الذكريات
يعتقد العديد من الخبراء أن الديجافو لها علاقة بالطريقة التي تعالج بها الذكريات وتتذكرها. ساعد البحث الذي أجرته آن كليري، باحثة في الديجافو وأستاذة علم النفس في جامعة ولاية كولورادو، في دعم هذه النظرية. من خلال عملها، وجدت دليلًا يشير إلى أن الديجافو يمكن أن يحدث ردًا على حدث يشبه شيئًا مررت به ولكنك لا تتذكره. ربما حدث ذلك في الطفولة، أو لا يمكنك تذكره لسبب آخر. على الرغم من أنه لا يمكنك الوصول إلى تلك الذاكرة، لا يزال عقلك يعرف أنك كنت في موقف مشابه. تؤدي هذه العملية إلى الشعور نوعًا ما بالألفة. وإذا تمكنت من تذكر الذاكرة المماثلة لهذه، فستتمكن من ربط الاثنين ومن المحتمل ألا تختبر الديجافو على الإطلاق.
متى يجب القلق؟
غالبًا لا يوجد سبب خطير للديجافو، ولكن يمكن أن يحدث هذا قبل نوبات الصرع أو أثناءها. يدرك العديد من الأشخاص الذين يعانون من النوبات ما يحدث بسرعة كبيرة. ولكن على الرغم من شيوع النوبات البؤرية، إلا أنه لا يمكن التعرف عليها على الفور على أنها نوبات عادية. تبدأ النوبات البؤرية في جزء واحد فقط من المخ، على الرغم من إمكانية انتشارها، كما أنها قصيرة جدًا. يمكن أن تستمر لمدة دقيقة أو دقيقتين، لكن يمكن أن تنتهي بعد بضع ثوانٍ فقط. لن تفقد وعيك، وقد يكون لديك وعي كامل بمحيطك، لكن قد لا تكون قادرًا على الرد أو الاستجابة. يحدث الديجافو عادةً قبل النوبة البؤرية. وقد تواجه أيضًا أعراضًا أخرى، مثل:
- الوخز في الجسم أو فقدان السيطرة على العضلات
- الاضطرابات الحسية أو الهلوسة، بما في ذلك تذوق أو شم أو سماع أو رؤية أشياء غير موجودة
- تكرار الحركات اللاإرادية، مثل وميض العينين أو إصدار أصوات غريبة
- الاندفاع العاطفي دون تفسير
إذا كنت قد عانيت من أي من هذه الأعراض، أو كنت تعاني من الديجافو بانتظام (أكثر من مرة في الشهر)، فمن الأفضل أن ترى طبيب لاستبعاد أي أسباب جسدية. يمكن أيضًا أن يكون الديجافو أحد أعراض الخرف. حتى أن بعض الأشخاص الذين يعانون من الخرف قد يخلقون ذكريات كاذبة للتجارب المتكررة للديجافو. إن الخرف مرض خطير، لذا من الأفضل التحدث إلى الطبيب عن أي أعراض تظهر عليك أو لدى أحد أفراد أسرتك على الفور.
إن الديجافو هو ذلك الإحساس الغريب بأنك قد اختبرت شيئًا بالفعل، حتى عندما تعلم أنك لم تعشه أبدًا من قبل. يتفق الخبراء عمومًا على أن هذه الظاهرة ربما تتعلق بالذاكرة بطريقة ما. لذلك، إذا كنت تختبر الديجافو، فربما تكون قد مررت بحدث مماثل من قبل ولا يمكنك تذكر ذلك. إذا حدث ذلك من حين لآخر، فربما لا داعي للقلق بشأنه. لكن، إذا أصبحت تجربة منتظمة إلى حد ما بالنسبة لك، ولم تكن لديك أعراض مرتبطة بالنوبات، فقد يساعدك اتخاذ خطوات لتخفيف التوتر والحصول على مزيد من الراحة.