تربية الأطفال: أشياء يحتاج طفلك أن يراك تقولها داخل المنزل

الدكتورة هبه الزعبي

الدكتورة هبه الزعبي

طبيبة

بالتأكيد كل أب وأم يسعين بشكل مباشر إلى تلقين طفلهما بكل الأساسيات والقواعد التي يحتاجها حتى يكون في أمان وإلى مساعدته في اكتساب كل ما يمكّنه من التعامل مع نفسه ومن حوله بطريقة صحيحة لائقة، على سبيل المثال، لا يوجد أب على وجه الوجود لم يقل لطفله الجمل الآتية: "انظر إلى الاتجاهين قبل أن تعبر الشارع" أو "لا تضع ذلك داخل فمك" أو "لا تضرب زميلك/أخيك" إلى أخره.. ومن هنا يبدأ الوالدين في ملاحظة طفلهما حتى يتأكدان من أن الطفل ينفذ كل ما يأمران به، ولكن هل حقًا كل ما يحتاجه الطفل هو الكلام؟ لا بالطبع، الطفل يحتاج إلى الأفعال، كما أنه يراقب أفعالك وكلامك مع الآخرين جيدًا، ويقلدك في كل شيء. لذا، فقد حان التركيز مع كل أفعالك قبل التركيز على طفلك.


طفلك ذكي بشكل كافي ليقارن بين أقوالك له وللآخرين وأفعالك، فهو يتشرب بكل ما تقوله وتفعله مع الآخرين دون وعي، مثل الطفل الذي يقلد والده في شرب السجائر بشكل تلقائي لأنه يراه يوميًا يلجأ إليها في التعامل مع مشاكل الحياة. فيقول ج. ستيوارت أبلون، أستاذ مساعد في الطب النفسي للمراهقين في كلية الطب بجامعة هارفارد الأمريكية: "إذا كان الأطفال يسمعون ويركزون في كل شيء، فهذا يعني أنهم يركزون في طريقة تفاعل الأشخاص مع بعضهما البعض." لذا، فعلى كل الآباء أن يكونوا أكثر حذرًا وصراحة بشأن الأشياء التي يقولونها لتعزيز الذكاء العاطفي لأطفالهم، والتنظيم العاطفي، والمعاملة بشكل عام مع الآخرين. 


إليك ما يجب أن يسمعه طفلك منك في المنزل:  


  •  كلمات طيبة عن شريكك في الحياة 


بالتأكيد طفلك يحتاج أن يرى الحب بينك وبين والدته، فإنه يركز جيدًا في طريقة تعاملك معها داخل وخارج المنزل. عليك دائمًا أن تركز على أن تكون المثل الأعلى له في احترامك ومعاملتك لشريكك وأن تسعى في إيصال رسالة أن الحب ليس ضعفًا وأن الحياة دائمًا أفضل مع شريكك. نحن بهذا لا نطلب منك أن تقوم بتمثيل مسرحية على طفلك، إذا كانت هناك بعض المشاكل بينك وبين شريكك، ولكن على الأقل السعي لحل تلك المشاكل والتعامل باحترام سينقلان شيئًا إيجابيًا للطفل. 


  • الاعتراف بالفشل والإحباط 


إذا كنت، على سبيل المثال، تصلح سيارة، وقد حاولت عدة مرات ولكنك فشلت في إصلاحها، لا ضرر على الإطلاق أن تعترف بفشلك وإحباطك أمام طفلك، دون أن تفقد أعصابك، ولكن لا تقف عند تلك النقطة، فسيركز طفلك جيدًا مع خطوتك التالية، عليك أن تضع خطة لحل تلك المشكلة. شارك مع طفلك عملية التفكير في حل "يمكنني تجربة X، ولكن هذا قد لا يفلح بسبب Y، إذًا فعليّ أن أختار هذا الخيار." ومن هنا، ستكون شاركت في تعليم طفلك درسين مهمين، وهما أن الجميع يفشل، ليس هناك شخص مثالي في كل شيء، وأن هناك دائمًا خيارات في كل موقف وعلينا أن نختار خيارًا واحدًا فقط، فأنت تقول له بذلك "أنت مهم ولديك تأثير على كل شيء من حولك في هذا العالم بناءً على اختياراتك." وإذا فقدت أعصابك في أثناء تلك العملية، فعليك أن تحاول تهدئة أعصابك وأن تعترف أمام طفلك بهذا الأمر وأنك احتاجت إلى بعض الوقت لتستجمع أعصابك مرة أخرى وتبدأ في محاولة حل الأزمة الراهنة، وهي أن السيارة معطلة. 


  • التعبير عن العواطف


الرسالة التي نريد إيصالها من التعبير عن المشاعر وهي أن أي مشاعر نشعر بها ليست عيبًا، حتى الضعف. عبر عن سعادتك، وحزنك، وحتى قلقك. القلق، على وجه الخصوص، أمر في غاية الأهمية للتعبير عنه. فإذا أخفيت مشاعرك السلبية، وخصوصًا القلق، سيتعود طفلك على إخفاء مشاعره، ولن يرى في ذلك عيبًا، وسيكون عبئًا عليه في المستقبل.


  • طلب المساعدة من الآخرين


ليس بالضرورة أن يكون شيئًا كبيرًا الذي تطلبه، فمن الممكن أن تطلب من شريكتك في الحياة أن تقرأ لك رسالة بريد إلكتروني أو أن تحمل معك الطاولة. من خلال سماع طفلك لجملة "أنا أريد المساعدة" منك، سيري ابنك أنك قوي بما يكفي لتعرف متى تحتاج إلى مساعدة الآخرين. ومن هنا سترسخ في عقليته فكرة التعاون والاعتراف بروح الجماعة. 


  • الشغف لمعرفة الغير


يجب أن تعلّم طفلك كيفية نمو العلاقات، وهي أن تكون فضوليًا في فهم ما يمر به الشخص الآخر، وهذا لا يعني أن تتدخل في خصوصيات الغير، ولكن يعني التركيز في مبدأ التحدث والاستماع وفي كيفية التواصل مع الآخرين. عليك أن تعلمه أن لكل شخص مشاعره التي تدور بداخله هو فقط وأن الكلمات لا تعبر عن كل شيء يريد الشخص التعبير عنها، فعليه أن يكون صبورًا في التعامل مع الغير، وهذا لن يتعلمه إلا في حالة أن يراك بهذه الطريقة. 


  • التأملات العشوائية 


شارك أفكارك التأملية مع طفلك، على سبيل المثال، "تبدو هذه السحابة مثل سيارة جدتك" أو "هذا المبنى يحتوي على عشرة طوابق،" فغير أنك ستشاركه معلومات وحقائق مثل عدد طوابق المبنى (كما هو موضح في المثال السابق،) ولكنك ستعطيه أيضًا لمحة عن أن هناك طرق أخرى قابلة للتطبيق في رؤية هذا العالم.


التربية مهمة صعبة، ولكنها ليست مستحيلة. ساعد طفلك عن طريق أفعالك وأقوالك مع الآخرين والتعبير عما بداخلك، قد يكون هذا الأمر في البداية صعبًا، ولكن لا تخشى المحاولة في تربية طفلك بالشكل الصحيح. ولا تخاف من الفشل وإعادة المحاولة مرة أخرى. حاول أن تترك الانطباع الذي طالما أردت أن يتركه لك والديك. ولا داعي للذعر عند الخطأ، فقط شارك أفكارك مع طفلك وستظل دائمًا مثله الأعلى. 

في الأخبار