٧ خطوات للتعامل مع قلق التكنولوجيا

الدكتورة هبه الزعبي

الدكتورة هبه الزعبي

طبيبة

الحقيقة التي لا يستطيع أحد إنكارها هي أننا نعتمد بشكل كلي هذه الأيام على هواتفنا. بدءً من البحث عن احتياجاتنا المختلفة على جوجل وحتى قراءة الأخبار ومراسلة أصدقائنا لمعرفة أحوالهم، جميعنا يضع هاتفه في يده باستمرار. فهو الأداة الوحيدة التي نستخدمها طوال اليوم لمساعدتنا في مجموعة من المهام المفيدة أحيانًا والغير مفيدة أحيانًا أخرى.

هل بدأت بملاحظة شعورًا فارغًا كلما انتهيت من تصفح غير مثمر لمنصات التواصل الاجتماعي الخاصة بك؟ فعندها تكتشف أنك قد خسرت بضع ساعات دون أن تنهي العمل الهام الذي عليك القيام به. وتستمر بمحاولة تفسير شعورك حتى تستطيع أخيرًا وضع إصبعك عليه: أنت تشعر بالقلق.

ما هو القلق الذي يتسبب فيه الهاتف؟

 

أحدثت التكنولوجيا الحديثة ثورة في طريقة تفاعلنا مع بعضنا البعض. فنحن لم نكن قادرين على أن نكون على اتصال مستمر بهذا الشكل من قبل، ولا أن نشارك لحظات حياتنا ليس فقط مع أحبائنا المقربين، ولكن مع أي شخص على هذا الكوكب. وكما هو الحال مع أي شيء مثير، غالبًا ما تكون هناك سلبيات. حيث أبلغ العديد من علماء النفس عن الآثار الضارة للاستخدام المهووس للهاتف المحمول على الصحة العقلية للشباب. يتضمن ذلك مجموعة متنوعة من الدراسات التي تتحدث عن زيادة الأرق، والاكتئاب، وتدني احترام الذات، وحتى الأفكار الانتحارية المرتبطة بالاستخدام المفرط للهاتف المحمول. لكن ليس الشباب فقط هم من يقعون ضحية لهذه المشاعر. حيث يوضح "شيلبي توماس" الأخصائي الاجتماعي، والمدافع عن الصحة العقلية، ومؤسس ReMe، وهو مكان لمساعدة الناس على إقامة علاقات صحية مع وسائل التواصل الاجتماعي وهواتفهم: "نحن معتادون على وجود هواتفنا في متناول اليد منذ أن أصبح استخدامها جزءً لا يتجزأ من العديد من جوانب المجتمع." ويضيف توماس: "أصبح استخدام وسائل التواصل الاجتماعي عنصرًا أساسيًا يجذب رغبتنا البشرية الطبيعية في البقاء على اتصال مع الآخرين."

 

هواتفنا تربطنا ولكن وفقًا لبعض الأبحاث، قد تكون مسببة للإدمان أيضًا. يقول توماس: "توفر ميزات مثل أزرار "أعجبني" و "مشاركة" إحساسًا بالتقبل مما يجعله إدمانًا حرفيًا، وفي نفس الوقت تضمن الإعلانات المستهدفة والحسابات المقترحة للمتابعة أن اهتمامنا دائمًا ما يصل إلى الذروة". وعودة للحديث عن قلق الهاتف، فإنه يحدث عندما نلجأ إلى هواتفنا كشكل من أشكال الإلهاء. يمكنهم أيضًا أن يكونوا حل للهروب من مشاعر القلق المتعلقة بجوانب أخرى من حياتنا. فعندما تشعر بقلق الهاتف، فأنت لا تفكر بوعي في سبب تركيزك مع هاتفك. نتيجة لذلك، تقع في فخ استهلاك المحتوى الذي تمت تصفيته بشكل كبير وإتقانه. في المقابل، تواجه ارتفاعًا إضافيًا في نسبة شعورك بالقلق مع زيادة ميول مقارنة نفسك بغيرك.

 

يقول توماس: "في حين أن تحويل انتباهنا بعيدًا عن الأفكار والمحفزات المجهدة يمكن أن يكون تدخلًا مفيدًا للصحة العقلية، فلا يوجد شيء يتم القيام به في حد ذاته لمعالجة السبب الجذري للأعراض. والأكثر إزعاجًا هو أن أعراض القلق تتفاقم بشكل كبير بسبب مشاعر عدم الكفاية التي تظهر عند مشاهدة حياة الآخرين المنسقة، والمعدلة، والمفلترة". المفارقة هي أننا غالبًا ما نلجأ إلى هواتفنا للتخفيف من قلقنا، فقط لنستهلك محتوى يحفزه أكثر. فهل أنت مستعد لتوديع قلق الهاتف؟ جرب النصائح السبعة التالية التي سوف تساعدك في التخفيف من استخدام هاتفك وجعله عادة في حياتك:

1- خذ استراحة كاملة

 

هناك شيء ساعدني شخصيًا في التعامل بشكل أفضل مع قلق الهاتف، وهو الابتعاد تمامًا عن هاتفي. سواءً كان ذلك يومًا واحدًا إجازة أو أسبوعًا كاملًا بدون الهاتف، سيساعد الوقت الذي تقضيه بعيدًا عن هاتفك في تقديم صورة أوضح عن كيفية تعطيله لرفاهيتك العاطفية. كما سيصبح لديك المزيد من الوقت الذي تستطيع أن تضع فيه الخطط التي تحتاجها لتطوير حياتك.

2- قم بتنظيف هاتفك

 

متى كانت آخر مرة قمت فيها بتنظيف جميع التطبيقات والإضافات الموجودة على هاتفك؟ أنا على استعداد للمراهنة على أن هناك القليل من الأشياء التي تحتاجها حقًا. سيساعدك الحد من الفوضى الرقمية في إنشاء واجهة على هاتفك تبدو نظيفة، مما يقلل من الإلهاء والوقت الذي تقضيه في البحث عن التطبيقات، بالإضافة إلى جعل استخدام هاتفك أكثر بساطة. وهذا يعني أنه عندما تحمله، لن تقضي ثانية في استخدامه أكثر مما تحتاج إليه.

 

3- حدد وقت للاستخدام الرقمي

 

يساعد إنشاء بعض حدود الاستخدام الرقمي في تخفيف إدمانك على هاتفك وتقليل القلق المرتبط به. على سبيل المثال، لا تنظر إلى هاتفك لمدة ساعة على الأقل قبل الذهاب إلى الفراش. تأكد أيضًا من أن هاتفك ليس على منضدة بجانب سريرك، لذا فلن يكون أول شيء تلتفت إليه في الصباح. قم بمتابعة استخدامك اليومي لمساعدتك في البقاء على دراية بما تفعله. في معظم الهواتف، يمكنك التحقق من هذه المعلومات في إعداداتك، أو استخدام تطبيق مثل Digitox أو Space.

4- قم بعمل تحديد للأولويات

 

ماذا تتمنى لو كان لديك المزيد من الوقت؟ في بداية كل أسبوع، فكر في هذا السؤال، وضع قائمة تحتوي على ما تريد فعله إذا كان لديك مزيدًا من الوقت في دفتر ملاحظاتك. عندما تشعر بالحكة لالتقاط هاتفك لإلهاء نفسك، أختار عنصرًا من قائمتك بدلًا من ذلك. سواءً كان ذلك ممارسة اليوجا، أو تعلم البرمجة، أو التدرب على الجيتار، لدينا جميعًا الكثير من الأشياء التي لدينا شغف تجاهها ونتمنى أن نخصص المزيد من الوقت لها. اجعل هاتفك مملًا بجعل هذه الأشياء من أولوياتك.



 

5- تفاعل بشكل هادف

 

يقول شيلبي: "هناك العديد من التطبيقات والحسابات التي تعزز تنمية الصحة العقلية ويمكن أن تساعدك في إدارة أعراض القلق." فبدلاً من التصفح بلا هدف أو استخدام تطبيقات تستهلك الوقت، ابحث عن التطبيقات التي تساعدك في مكافحة القلق بدلًا من الإضافة إليه. Headspace و Calm هما تطبيقان شائعان أوصى بهما شيلبي، ولكن هناك الكثير من التطبيقات الأخرى، ابحث عن تلك التي تناسبك.

 

6- قم بصناعة "مساحة سعيدة" لنفسك

 

بالنسبة للكثيرين منا، فإن اللجوء إلى هواتفنا كمصدر إلهاء أصبح الآن عادة متأصلة قد يصعب التخلص منها. ما كان مفيدًا بالنسبة لي في مكافحة قلق الهاتف هو إنشاء مساحة على هاتفي تساعدني على الشعور بالراحة بدلًا من القلق. يتضمن هذا ألبوم صور مليء بصور لأشيائي المفضلة وأحبائي وصور أو اقتباسات تحفيزية. وإذا انجرفت إلى عادة التصفح الممل، قم بإمساك نفسك وانتقل إلى هذه المساحة على هاتفك بدلًا من ذلك. بهذه الطريقة يمكنك وضع هاتفك بعيدًا مع الشعور بالإيجابية والتحفيز، بدلًا من الاستنفاذ.

 

7- قم بإلغاء المتابعة للمحتوى المؤذي

 

إذا كانت هناك حسابات، أو مواقع إلكترونية، أو أشخاص معينون تجعلك تشعر بالسوء تجاه نفسك، فلا داعي للتفاعل معهم؛ انتبه لما تستهلكه. إذا لاحظت أن المحتوى الذي تتابعه يتسبب في زيادة قلقك، فإنك تحتفظ بالحق في تحويل انتباهك إلى مكان آخر، حيث أنه يوجد دائمًا زر إلغاء المتابعة. إذا لم يكن الأمر جيدًا، فلا داعي لمتابعته. وإذا كان القلق يمثل جزءً كبيرًا من حياتك خارج هاتفك، يقول "شيلبي توماس": " إنه من المهم أيضًا التأكد من حصولك على المستويات الصحيحة من الدعم." ويضيف: "ممارسة الرياضة، وتناول الأطعمة الصحية، والتحدث مع الأحباء، والعثور على معالج، كلها موارد مذهلة وتغير قواعد اللعبة تمامًا عندما يتعلق الأمر بالقلق ولا يحدث أي منها أثناء التنقل عبر وسائل التواصل الاجتماعي".

في نهاية المطاف، هواتفنا هي مجرد هواتف. الطريقة الوحيدة التي تجعلنا نشعر بها هي كيف نستخدمها. يمكننا تحديد المحتوى الذي نريده في حياتنا. عندما تصبح أكثر وعيًا بهاتفك، ستجد المزيد من لحظات الامتنان والإيجابية في حياتك التي لم تُسرق من خلال المقارنات السلبية عبر الإنترنت. لا يجب أن يكون قلق الهاتف مجرد جزءً آخر من حياتك. يمكنك إيقاف التصفح وتحرير ذهنك.

في الأخبار