٥ نصائح مفيدة لتحسين تركيزك

الدكتورة هبه الزعبي

الدكتورة هبه الزعبي

طبيبة

قد يكون الاستمرار في مهمة ما أمرًا صعبًا، ولكنه قد يكون صعبًا بشكل خاص عندما تكون محاطًا بمصادر إلهاء مستمر. في عالم اليوم الذي يجعلك متصل مع غيرك دائمًا، فحتى أثناء اللحظات الهادئة، يكون الإلهاء فعليًا في متناول يدك من خلال هاتفك المحمول، حيث تجد نفسك تتحقق من إشعارات منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بك أو آخر تحديثات الأخبار. 

 

تعد القدرة على التركيز على شيء ما في بيئتك وتوجيه الجهد العقلي تجاهه أمرًا بالغ الأهمية لتعلم أشياء جديدة وتحقيق الأهداف والأداء الجيد عبر مجموعة متنوعة من السُبل. سواء كنت تحاول إنهاء تقرير في العمل أو تتنافس في ماراثون، فإن قدرتك على التركيز يمكن أن تعني الفرق بين النجاح والفشل. يمكن تحسين تركيزك الذهني، لكن هذا لا يعني أن حدوثه سريع وسهل دائمًا. إذا كان الأمر بسيطًا، فسنحصل جميعًا على التركيز الحاد الذي نريده. ولكن الأمر يتطلب بعض الجهد الحقيقي من جانبك، وقد تضطر إلى إجراء بعض التغييرات على بعض عاداتك اليومية. 

 تقييم تركيزك العقلي

 

قبل أن تبدأ في العمل على تحسين تركيزك الذهني، قد ترغب في البدء بتقييم مدى قوة تركيزك الذهني في الوقت الحالي:

المجموعة الأولى: يعد تركيزك جيدًا إذا:

  •       تجد أنه من السهل البقاء في حالة تأهب وتركيز.
  •       تحدد الأهداف وتقسم المهام إلى أجزاء أصغر.
  •       تأخذ فترات راحة قصيرة، ثم تعود إلى العمل.

 

المجموعة الثانية: يحتاج تركيزك إلى مزيد من التحسن إذا:

  •       كان لديك أحلام يقظة باستمرار.
  •       لا يمكنك التخلص من عوامل التشتت المحيطة بك.
  •       تفقد مسار أهدافك باستمرار.

 

إذا كانت المجموعة الأولى من العبارات تبدو أقرب لأسلوبك، فمن المحتمل أن تكون لديك بالفعل مهارات تركيز جيدة إلى حد ما، ولكن يمكنك أن تكون أقوى مع القليل من التدريب. أما إذا كنت أقرب إلى عبارات المجموعة الثانية، فربما تحتاج إلى العمل على تركيزك العقلي قليلًا. قد يستغرق الأمر بعض الوقت، لكن ممارسة بعض العادات الجيدة وإدراك قابليتك للتشتت يمكن أن يساعدك. وفيما يلي بعض النصائح والحيل من علم النفس التي يمكن أن تساعدك على تطوير التركيز الذهني:

1- تخلص من عوامل التشتيت

 

على الرغم من أنه قد يبدو واضحًا، إلا أن الناس غالبًا ما يستخفون بعدد عوامل التشتيت التي تمنعهم من التركيز على المهمة التي يقومون بها. قد تأتي مثل هذه العوامل في شكل صوت صاخب في الخلفية أو ربما زميل عمل يزعجك باستمرار للدردشة. إن تقليل مصادر الإلهاء هذه ليس دائمًا بالسهولة التي يبدو عليها. بينما قد يكون الأمر بسيطًا، مثل إيقاف تشغيل التلفزيون أو الراديو، فقد تجد صعوبة أكبر في التعامل مع زميل في العمل، أو الزوج، أو الطفل، أو زميل السكن. تتمثل إحدى طرق التعامل مع التشتت في تخصيص وقت ومكان محددين وطلب تركك بمفردك لتلك الفترة الزمنية. وهناك بديل آخر، هو البحث عن مكان هادئ حيث تعلم أنك ستتمكن من العمل دون إزعاج. قد تكون المكتبة، أو الغرفة الخاصة في منزلك، أو حتى المقهى الهادئ.


والجدير بالذكر أيضًا أن ليست كل المشتتات تأتي من مصادر خارجية. قد يكون من الصعب بشكل خاص تجنب الإرهاق، والقلق، والاضطرابات الداخلية الأخرى. بعض الاستراتيجيات التي قد ترغب في محاولة تقليلها أو التخلص منها هي التأكد من أنك مرتاح قبل المهمة واستخدام الأفكار والصور الإيجابية لمحاربة القلق. إذا وجدت أن عقلك يتجول نحو الأفكار المشتتة، فقم بإعادة تركيزك بوعي إلى المهمة التي بين يديك.

 

2- اعمل على الحد من تركيزك

 

في حين أن تعدد المهام قد يبدو طريقة رائعة لإنجاز الكثير بسرعة، فقد اتضح أنه يمكن أن يؤدي التوفيق بين مهام متعددة في وقت واحد إلى تقليل الإنتاجية بشكل كبير ويجعل من الصعب التركيز على التفاصيل المهمة حقًا. فكر في انتباهك كضوء موضعي. إذا قمت بتسليط الضوء على منطقة معينة، يمكنك رؤية الأشياء بوضوح شديد. أما إذا كنت ستحاول نشر نفس القدر من الضوء عبر غرفة مظلمة كبيرة، فيمكنك بدلًا من ذلك فقط إلقاء نظرة خاطفة على الخطوط العريضة المظلمة، نظرًا لعدم كفاية الضوء. يتعلق جزء من تحسين تركيزك الذهني بالاستفادة القصوى من الموارد المتاحة لديك. توقف عن تعدد المهام وبدلًا من ذلك أعط انتباهك الكامل لشيء واحد في المرة الواحدة.

 

3- عِش اللحظة

 

من الصعب أن تظل مركّزًا عندما تفكر في الماضي أو تقلق بشأن المستقبل. ربما سمعت أشخاصًا يتحدثون عن أهمية "التواجد". الأمر كله يتعلق بالتخلص من المشتتات، سواء كانت مادية (هاتفك المحمول) أو نفسية (مخاوفك)، والانخراط الذهني الكامل في اللحظة الحالية.

 
فكرة الوجود هذه ضرورية أيضًا لاستعادة تركيزك العقلي. إن الاستمرار في التركيز في اللحظة الحالية يحافظ على انتباهك حادًا. قد يستغرق الأمر بعض الوقت، ولكن اعمل على تعلم كيفية عيش اللحظة حقًا. لا يمكنك تغيير الماضي، والمستقبل لم يحدث بعد، ولكن ما تفعله اليوم يمكن أن يساعدك على تجنب تكرار أخطاء الماضي وتمهيد الطريق لمستقبل أكثر نجاحًا.




4- تدرب على التأمل اليقظ

 

على الرغم من حقيقة أن الناس مارسوا أشكالًا من التأمل اليقظ لآلاف السنين، إلا أن فوائده الصحية العديدة لم يتم فهمها إلا مؤخرًا. في إحدى الدراسات، جعل الباحثون متخصصين في الموارد البشرية يشاركون في عمليات محاكاة لنوع المهام المتعددة المعقدة التي يشاركون فيها كل يوم في العمل. كان لا بد من إكمال هذه المهام في 20 دقيقة وتضمنت: الرد على الهواتف، وجدولة الاجتماعات، إجراء المكالمات الهاتفية، رسائل البريد الإلكتروني، والرسائل النصية.


تلقى بعض المشاركين 8 أسابيع من التدريب على استخدام تأمل اليقظة، ووجدت النتائج أن أولئك الذين تلقوا هذا التدريب فقط أظهروا تحسنًا في التركيز. وكان أعضاء مجموعة التأمل قادرين على البقاء في المهمة لفترة أطول، والتبديل بين المهام بشكل أقل تكرارًا، وأداء العمل بشكل أكثر كفاءة من مجموعات المشاركين الأخرى.

 

يمكن أن تتضمن ممارسة اليقظة تعلم كيفية التأمل، ولكن يمكن أيضًا أن تكون بسيطة، مثل تجربة تمرين سريع وسهل للتنفس العميق. بينما قد تبدو هذه مهمة بسيطة بشكل مخادع، فقد تجد أنها في الواقع أكثر صعوبة مما تبدو عليه. لحسن الحظ، فإن نشاط التنفس يُعد شيء يمكنك القيام به في أي مكان وزمان. في النهاية، ستجد أنه من الأسهل فك الارتباط بالأفكار المتطفلة وإعادة تركيزك إلى حيث ينتمي.

 

5- خذ استراحة قصيرة

 

هل حاولت من قبل التركيز على نفس الشيء لفترة طويلة من الزمن؟ بعد فترة، ستجد أن تركيزك بدأ في الانهيار وأصبح من الصعب أكثر فأكثر تخصيص مواردك العقلية لهذه المهمة. ليس هذا فقط، ولكن أداؤك سيتضرر نتيجة لذلك. اقترحت التفسيرات التقليدية في علم النفس أن هذا يرجع إلى استنفاد موارد الانتباه، لكن بعض الباحثين يعتقدون أن الأمر يتعلق بميل الدماغ لتجاهل مصادر التحفيز المستمر. لذلك في المرة القادمة التي تعمل فيها على مهمة طويلة، مثل إعداد الضرائب أو الدراسة لامتحان، تأكد من منح نفسك استراحة ذهنية جيدة. حوّل انتباهك إلى شيء لا علاقة له بالمهمة التي بين يديك، حتى لو كان ذلك لبضع لحظات. قد تعني هذه اللحظات القصيرة من الراحة أنك قادر على الحفاظ على تركيزك العقلي حادًا وأدائك عاليًا عندما تحتاج إليه حقًا.

 

بناء تركيزك الذهني ليس شيئًا سيحدث بين عشية وضحاها. حتى الرياضيين المحترفين يحتاجون إلى الكثير من الوقت والممارسة لتقوية مهارات التركيز لديهم. تتمثل إحدى الخطوات الأولى في التعرف على تأثير تشتيت الانتباه على حياتك. إذا كنت تكافح من أجل تحقيق أهدافك ووجدت نفسك مشتتًا بتفاصيل غير مهمة، فقد حان الوقت للبدء في عمل استراتيجية لاستعادة تركيزك مرة أخرى. من خلال بناء تركيزك العقلي، ستجد أنك قادر على تحقيق المزيد والتركيز على الأشياء في الحياة التي تجلب لك النجاح، والسعادة، والرضا.

في الأخبار