
التسويف، والعدوانية السلبية، والاجترار أمثلة على آليات المواجهة غير المفيدة التي قد نستخدمها بوعي أو بغير وعي لتجنب معالجة مشكلة صعبة، أو مواجهة الأفكار والمشاعر غير المريحة. هذه السلوكيات هي أشكال من استراتيجية التجنب والهروب والتي تُعد من وسائل التأقلم النفسية الغير صحية. إذن، كيف يمكن لهذه الاستراتيجية أن تخلق ضغوطًا إضافية ومزيدًا من التوتر، بدلًا من أن تُشعرك بالتحسن؟ إليك المزيد حول ما يعنيه ذلك، بالإضافة إلى بعض النصائح للتعامل مع المشاكل بشكل أكثر فاعلية.
ما هي استراتيجية التجنب والهروب؟
إن استراتيجية التجنب والهروب هي شكل غير صحي لمحاولة التأقلم مع المشاكل، حيث يُغير الشخص سلوكه لتجنب التفكير في الأشياء الصعبة، أو الشعور بها، أو القيام بشيء حيالها. تتضمن استراتيجية التجنب والهروب محاولة تجنب الضغوطات بدلاً من التعامل معها. قد يبدو تجنب التوتر طريقة رائعة لتقليل التوتر، لكن هذا ليس هو الحال بالضرورة. في أغلب الأحيان، فإن مواجهة المشكلة أو التعامل مع الضغوط هي الطريقة الوحيدة للحد بشكل فعال من التوتر الذي تسببه. نحن نسعى جاهدين من أجل "إدارة الإجهاد" بدلاً من "تجنب الإجهاد" لأننا لا نستطيع دائمًا تجنبه، ولكن يمكننا إدارته باستخدام تقنيات التأقلم الفعالة.
متى يستخدم الناس استراتيجية التجنب والهروب للتأقلم؟
يجد الناس أنفسهم يستخدمون أسلوب التجنب بدلاً من مواجهة الإجهاد والمشاكل بشكل مباشر لأسباب عديدة. يمكن أن يكون الأشخاص القلقون عرضة لاستخدام تلك الاستراتيجية لأنه في البداية، سوف تبدو أنها الوسيلة الوحيدة لتجنب الأفكار والمواقف التي تثير القلق. ولكن على المدى الطويل، تميل استراتيجية التجنب، من أجل التأقلم مع التوتر، إلى تفاقم القلق بدلاً من تخفيفه. قد يكون الأشخاص المعرضون للقلق قد تعلموا تقنيات التجنب في وقت مبكر، وبالتالي قد يجدون صعوبة أكبر في تعلم الاستراتيجيات الأخرى.
لماذا استراتيجية التجنب والهروب غير صحية؟
يُعتبر التأقلم من خلال تجنب المشاكل وسيلة غير صحية، لأنها غالبًا ما تؤدي إلى تفاقم التوتر دون مساعدة الشخص على التعامل مع الأشياء التي تسبب له التوتر. التسويف هو أحد الأمثلة. إذا كان هناك شيء يتعين علينا القيام به ويُشعرنا ذلك بالضغط الشديد، فقد نتجنب القيام به أو حتى نحاول التوقف عن التفكير فيه. ومع ذلك، فإننا عادةً لا نتوقف عن التفكير في كل ما يجب القيام به. بدلًا من ذلك، نجد أنفسنا ما زلنا نشعر بالتوتر حيال هذا الشيء حتى يتم إنجازه.
الرابط بين استراتيجية التجنب والقلق
إذا كنت قد سمعت عبارة "ما تقاومه، يستمر" ، فقد تعرفت على السبب الأساسي الذي يجعل استراتيجية التجنب تُزيد القلق. عندما يستخدم الناس هذه الاستراتيجية بوعي أو بغير وعي، فإن هذا يسبب لهم القلق الشديد لأنهم بهذا الشكل يخلقون موقفًا أكبر يحتاجون إلى مواجهته. يمكن تجنب هذه النتيجة من خلال التأقلم النشط، ولكن قد يكون من الصعب القيام بذلك في البداية. على سبيل المثال، قد يجلب لك الصراع والمواجهة القلق، وإذا حاولت تجنب الخلاف عن طريق تجنب المحادثات التي قد تحتوي على عناصر الصراع، فقد تشعر وكأنك تتجنب هذا الصراع وتحقق مستويات منخفضة من التوتر.
لكن في نهاية المطاف، نواجه في معظم علاقاتنا - سواء كان ذلك مع الأصدقاء، أو الأحباء، أو زملاء العمل - خلافات أو سوء تفاهم أو مواقف أخرى مليئة بالصراع تحتاج إلى حل. إذا كنت تتجنب إجراء المحادثات الضرورية لحل النزاع في المراحل المبكرة، فيمكن أن تتضاعف المشكلة وتسبب مستويات أكبر من التوتر في العلاقة. وفي بعض الحالات، قد يؤدي الصراع الذي لم يتم حله إلى إنهاء العلاقة. إذا وجدت نفسك تنهي العلاقات بدلاً من العمل عليها خلال النزاعات، فمن المحتمل أن ينتهي بك الأمر بالعديد من العلاقات المُنتهية.
أنواع أخرى من التأقلم
هناك فئة أخرى واسعة من وسائل التأقلم تسمى "التكيُف النشط" أو "التكيف بالمواجهة". هذا النوع من المواجهة يعالج المشكلة مباشرة كوسيلة لتخفيف التوتر. على سبيل المثال، التحدث عن المشكلات التي تسبب التوتر في علاقتك، وإعادة صياغة الموقف للتعرف على الإيجابيات بدلاً من التركيز فقط على السلبيات، أو وضع الميزانية بعناية أكبر لتقليل الضغط المالي، كل ذلك يدل على التكيف الفعال تجاه المشاكل.
التكيُف النشط
هناك نوعان رئيسيان من التكيُف النشط:
- التأقلم السلوكي النشط: يعالج المشكلة مباشرة.
- التأقلم المعرفي النشط: يغير طريقة تفكيرك أثناء الضغوطات والمشاكل.
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تقلل استراتيجيات تخفيف التوتر، مثل تقنيات الاسترخاء والركض، من الضغط النفسي الذي تواجهه أثناء أي مشكلة، وحتى قد تزيد من ثقتك بنفسك ومن شعورك بأنك قادر على مواجهة الضغوطات بشكل أكثر فعالية. ومع ذلك، لمجرد أن شيئًا ما يقلل من إجهادنا في لحظة معينة، لا يعني أنه شكل صحي للتكيف. على سبيل المثال، قد يجعلنا تناول الطعام، أو التسوق، أو تناول مشروب كحولي نشعر بتحسن في الوقت الحالي، لكن تلك الوسائل لها عواقب طويلة المدى إذا تم الإفراط في اللجوء إليها. وإذا اعتمدنا على هذه الاستراتيجيات للتخفيف من التوتر، فيمكنهم الخروج عن نطاق السيطرة والتسبب في مزيد من التوتر والمشاكل. بدلاً من ذلك، من الأكثر فعالية إنشاء عادات صحية تبني لدينا المرونة والتكيف بشكل صحي.
نصائح للتعامل مع التوتر
إذا وجدت نفسك تستخدم استراتيجية التجنب، فابحث عن فرص لاستبدال تلك الاستراتيجية باستراتيجيات المواجهة النشطة. إذا كنت تميل إلى تجنب التعامل مع معظم مشاكل حياتك، أو على الأقل كنت معتادًا على استخدام تلك الاستراتيجية، فقد يكون من الصعب معرفة كيفية التوقف. لكن، إليك بعض النصائح التي يجب وضعها في الاعتبار أثناء العمل على التخلص من هذه العادة.
- حاول أن تصبح مرتاحًا لفكرة التعامل مع مشاكلك ومحاولة حلها، حينها ستكون قادرًا بشكل أفضل على التعامل مع مشاعرك والضغوط التي تسببها. فقط ضع في الاعتبار أن المواجهة هي الحل الأمثل للتخلص من التوتر.
- حاول أن تواجه مشاعرك أثناء الضغوطات والمشاكل والاعتراف بها. حينها فقط، سيكون لديك المزيد من الخيارات حول الطريقة التي تريد بها مواجهة المشكلة والتخلص من تلك المشاعر لأنه لن يكون لديك رد فعل للهروب منها أو تجنبها. بمجرد أن تعتاد على ذلك، فإن مواجهة مشاكلك وجهًا لوجه لن يجلب لك الكثير من القلق. ويمكن أن يساعدك ذلك أيضًا على إدراك أنه في معظم الحالات، لا يحدث شيء سيء من مواجهة تلك المشاعر، فقد تشعر فقط بالرغبة في إيجاد حل للتخلص من هذا الشعور نهائيًا.
- حاول تجربة التأمل، فبعض الناس يجدون أن التأمل يساعدهم في الوصول على الشعور بالراحة رغم كل المصاعب والمشاعر الغير مريحة الموجودة بداخلهم.

حاول دومًا تعلم كيفية التعامل مع المشاعر الصعبة، والسماح لها بأخذ وقتها والمضي قدمًا. وإذا كنت تجد صعوبة في إجراء تغييرات في الطريقة التي تواجه بها مشاكلك، أو لم تكن متأكدًا من أين يمكنك أن تبدأ، فقد يكون الأخصائي النفسي قادرًا على المساعدة. إن الحصول على المساعدة والدعم من معالج موثوق يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا بينما تتعلم استبدال الطرق القديمة الغير صحية للتكيُف بطرق استجابة نشِطة للتعامل مع التوتر بشكل فعال. يشجعك الحصول على التعزيز الإيجابي على التخلي عن عادات التأقلم غير الصحية. وعندما تتعلم تقنيات التأقلم وتخفيف التوتر الصحية، سوف تتعزز ثقتك بنفسك وإيمانك بقدرتك على التعامل مع أي تحديات تواجهها.