
يتفق معظم الناس بشكل عام على فوائد النوم الجيد ليلاً. وإذا كنت تتعامل مع القلق أو تحديات الحياة الأخرى، يمكن أن يساعدك النوم الجيد على الشعور بأنك أكثر قدرة على مواجهة الأيام العصيبة. ولكن عندما يتسلل القلق إلى أحلامك، فقد لا يوفر النوم الهروب المريح الذي تبحث عنه. يمكن أن تكون الأحلام النابعة من القلق مزعجة للغاية، فهي لا تعيق نومك فحسب، بل يمكنها أيضًا زيادة التوتر والقلق في الصباح. قد تقلق حتى من معنى هذه الأحلام وتظن أن هناك شيء سيء على وشك الحدوث. إذا كنت تتساءل ما الذي يسبب لك الأحلام التي تترتب على القلق الذي تشعر به، وما إذا كان بإمكانك إدارتها للحصول على نوم أفضل، فقد وصلت إلى المكان الصحيح.
إن هذا النوع من الأحلام قد تشعر فيه بالذعر أو التوتر، ولكن هذه المشاعر قد تستمر أيضًا بعد أن تستيقظ، وقد يستمر عدم ارتياحك العام طوال اليوم. على الرغم من أن الكوابيس غالبًا ما تلهم مشاعر الرعب أكثر من القلق العام، إلا أنها تعتبر أيضًا أحلام بسبب القلق، لأن القلق أثناء النهار يمكن أن يزيد من احتمالية حدوث الكوابيس. تتضمن بعض الأسباب العامة للكوابيس وأحلام القلق ما يلي:
- الخوف أو التوتر
- التغيرات الحديثة في الحياة
- أحداث صادمة
- الأرق أو النوم المتقطع
- استخدام المواد المخدرة
لكن كيف يثير القلق الأحلام المزعجة؟
كما تعلم، يظل عقلك نشطًا أثناء النوم، ويستخدم هذا الوقت لتنفيذ المهام التي تساعد على إنعاش جسمك والحفاظ على سير العمليات الأساسية داخل الجسم بشكل مثالي. يتضمن جزء من نشاط المخ الليلي بعض الذكريات والأحاسيس التي قد تكون سلبية أو إيجابية، ويترتب على ذلك أنه إذا تسببت أفكارك ومشاعرك الأخيرة في التوتر والخوف في حياة اليقظة، فمن المرجح أن تتبع أحلامك نمطًا مشابهًا. لن يكون لدى كل من يعاني من القلق أحلامًا سيئة، لكن الأبحاث تشير إلى أن القلق يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في الضيق الليلي.
في دراسة أجريت عام ٢٠١٤ على ٢٢٧ بالغًا، كان لدى أولئك الذين استوفوا معايير اضطراب القلق العام أحلامًا سيئة أكثر من المشاركين الذين لم يشعروا بالقلق. وجد مؤلفو الدراسة أيضًا أدلة تشير إلى أن الأحلام السيئة أدت إلى زيادة مشاعر القلق والاكتئاب طوال اليوم. باختصار، يمكن أن يتغذى القلق والكوابيس على بعضهما البعض، مما يخلق حلقة غير سارة.
هل تلك الأحلام تعني أي شيء؟
غالبًا ما لا يكون للأحلام معنى كبير. بصفة عامة، قد تبدو بعض أحلامك واضحة ومتماسكة للغاية ولكن بها بعض العناصر غير الواقعية. ربما تكون عاريًا في العمل، أو لديك أجنحة، أو تتعامل مع أحد المشاهير. لكن مجرد حلمك بهذه الأشياء لا يعني أنها ستحدث، والأمر نفسه ينطبق على الأحلام المتأثرة بالقلق. ربما تحلم بتفويت امتحان نهائي، أو غش شريكك لك. وعندما تستيقظ، قد تشعر بالرعب من تحول هذه الاحتمالات إلى حقيقة.
على الرغم من ذلك، لا تدل هذه الأحلام على أي شيء أعمق من مخاوف العقل الباطن أو الواعي، بشأن حدوث هذه الأشياء. إذا كنت تقضي الكثير من الوقت في القلق بشأن احتمال قيام شريكك بالغش، فمن المفهوم أن هذه المخاوف قد تظهر في أحلامك. لذلك، إذا كنت قد لاحظت زيادة طفيفة في الأحلام المقلقة، خاصة قبل حدث مهم، فمن المحتمل أن يكون عقلك على دراية بالتوتر الذي تواجهه.
العودة إلى النوم
ليس من السهل دائمًا النوم بعد الاستيقاظ من حلم سيئ، ولكن هناك بعض الأشياء التي قد تساعدك في الحصول على قسط من الراحة.
1- جرب شيئًا يبعث على الاسترخاء
يمكن أن يساعد القيام بنشاط يبعث على الاسترخاء في إعادة عقلك إلى وضع النوم، مثل:
- مشروب دافئ
- موسيقى هادئة
- بودكاست مهدئ
- كتاب مفضل
- تمارين التنفس أو التأمل
- تدوين اليوميات
ما عليك سوى إبقاء الأضواء خافتة ومحاولة تجنب مشاهدة التلفزيون أو التمرير عبر هاتفك، لأن ذلك يمكن أن يوقظك أكثر.
2- استيقظ
إذا امتد الوقت ولم تستطع النوم مرة أخرى، فلا تبقى في السرير. من السهل أن تشعر بالإحباط والانزعاج عندما لا تتمكن من العودة إلى النوم، ولكن هذا غالبًا ما يزيد الأمور سوءًا. لذا، اشرب ماءً أو تمشَّ في أرجاء المنزل أو جرب حمامًا دافئًا. لا تعود إلى الفراش حتى تبدأ في الشعور بالنعاس مرة أخرى، ومهما فعلت، لا تنظر إلى الساعة، فسوف تصبح أقل قلقًا بشأن حلمك وأكثر توترًا بشأن كل النوم الذي فاتك.
3- تجنب الأنشطة المجهدة نفسيًا قبل النوم
إذا كان آخر شيء تفعله قبل النوم هو مراجعة أموالك أو قراءة رسالة بريد إلكتروني مؤلمة من شخص تحبه، فمن المحتمل أنك ستستمر في التفكير في هذه الأشياء عند محاولتك الحصول على قسط من الراحة. لا يمكن بالطبع تجنب جميع المهام المجهدة تمامًا، ولكن إذا كنت تعلم أن شيئًا ما يلهم مشاعر التوتر أو القلق لديك، فحاول التعامل معه في وقت مبكر من اليوم.
4- خصص وقتًا لممارسة الرياضة
للتمرين الكثير من الفوائد، بما في ذلك تحسين النوم. قد تساعدك إضافة ٣٠ دقيقة فقط من التمارين الهوائية المعتدلة إلى يومك في الحصول على نوم أفضل على الفور. يمكنك أن تجرب:
- المشي السريع
- السباحة
- ركوب الدراجات
- التنزه
- الركض
ومع ذلك، حاول القيام بهذا التمرين قبل ساعة على الأقل من الخلود إلى الفراش. حيث تؤدي التمارين الرياضية إلى إطلاق الإندورفين وارتفاع درجة حرارة الجسم، وكلاهما يمكن أن يوقظان جسمك بدلاً من مساعدته على الاستعداد للنوم.
5- شارك حلمك مع شخص موثوق
إذا كان لديك حلم نابع من القلق يستمر في العودة، يمكن أن يساعدك إخبار شخص ما عنه. غالبًا ما تؤدي مشاركة الأشياء التي تخيفك أو تزعجك مع شخص تثق به إلى تقليل تأثير هذه المشاعر. يمكن أن تؤدي مشاركة العبء إلى تخفيفه، لذا في بعض الأحيان مجرد الانفتاح عن مشاعر القلق التي تعاني منها يمكن أن تساعد في تحسين الأعراض وتؤدي إلى نوم أفضل.
متى تحصل على المساعدة؟
يمكن أن تحدث الأحلام أو الكوابيس النابعة من القلق بشكل متكرر ومزعج، ويمكن أن يكون السبب ورائها هو حالة طبية نفسية مثل:
- باراسومنيا (اضطراب النوم)
- اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)
- السرطان
- أمراض القلب
- الاكتئاب
إذا كانت أحلامك تزعج راحتك وتؤثر على حياتك اليومية، يمكن أن يساعدك الطبيب من خلال تحديد أو استبعاد أي حالات طبية مُساهمة. ويمكن أيضًا أن يساعدك التحدث إلى معالج نفسي في معالجة القلق المزمن الذي يؤثر على جودة حياتك، ونومك، وأحلامك. تشير الأبحاث إلى أن العلاج السلوكي المعرفي للقلق يمكن أن يؤدي إلى تقليل الأحلام السيئة. فمن الحكمة دائمًا طلب الدعم إذا بدأت الأعراض في التأثير على عملك، أو علاقاتك، أو جودة حياتك بشكل عام.

إن الأحلام السيئة التي تزرع القلق في داخلك، تعني أنك تعاني من التوتر الشديد في حياتك. على الرغم من أن تلك الأحلام قد تؤثر على حالتك النفسية وجودة نومك بشكل سلبي، وحتى قد تتحول إلى كوابيس، لكنها تساعدك في نفس الوقت على التعرّف على مصدر التوتر في حياتك، أو على الأقل، على طلب الدعم والمساعدة للتخلص من تلك الأحلام. فإن اتخاذ خطوات للتعامل مع القلق يمكن أن يساعد في اختفاء هذه الأحلام والتأقلم معها إذا ظهرت مرة أخرى.