ما هو رُهاب الخلاء وأعراضه؟

الدكتورة هبه الزعبي

الدكتورة هبه الزعبي

طبيبة

غالبًا ما يُساء فهم رُهاب الخلاء على أنه مشكلة يخشى فيها الناس مغادرة منازلهم. ولكن دعونا نلقي نظرة على حقيقة الخوف من الأماكن المكشوفة، ونستخدم التعريف الأكثر دقة، والسلوكيات المحددة التي تشير إلى أن الشخص قد يكون مصابًا برُهاب الخلاء.


تعريف رُهاب الخلاء

 

قد يبدو الأمر أصعب من مجرد ذكر أن الخوف من الخلاء هو رهاب، ومع ذلك فإن فهم الخوف من الخلاء كنوع معين من الرهاب يجعل من السهل فهم الأعراض. حيث أنه غالبًا ما يُساء فهم رهاب الخلاء على أنه مجرد خوف من مغادرة المنزل، ولكن هذا ليس دقيقًا تمامًا. رهاب الخلاء هو خوف من التواجد في موقف يكون فيه الهروب صعبًا أو مستحيلًا، أو تخيل أنه لن تكون المساعدة متاحة في حالة حدوث نوبة هلع أو موقف صعب.


ما هو الرُهاب؟

 

دعونا نلقي نظرة على الصورة الكبيرة ونعرف ما هو الرُهاب. الرُهاب هو خوف ساحق وغير معقول من شيء أو موقف لا يشكل سوى القليل من الخطر الحقيقي، ولكنه يثير القلق والخوف عند أولئك الذين يعانون منه. وعلى عكس القلق الوجيز الذي يشعر به معظم الناس عند إلقاء خطاب أو إجراء اختبار، فإن الرُهاب يستمر لفترة طويلة، ويسبب ردود فعل جسدية ونفسية شديدة، ويمكن أن يؤثر على قدرتك على التعامل بشكل طبيعي في العمل أو في الأماكن الاجتماعية.  

 

لا تحتاج كل أنواع الرُهاب إلى العلاج. ولكن إذا كان الرُهاب يؤثر على حياتك اليومية، فهناك العديد من العلاجات المتاحة التي يمكن أن تساعدك في التغلب على مخاوفك، وغالبًا ما يكون تأثيرها دائم. ويتم تقسيم الرُهاب إلى ثلاث فئات رئيسية:


1- الرُهاب المحدد

 

يتضمن الرُهاب المحدد خوفًا غير منطقي ومستمر من شخص أو موقف معين لا يتناسب مع الخطر الفعلي الذي يُشكله. وهذا يشمل الخوف من المواقف (مثل الطائرات أو الأماكن المغلقة)، الخوف من الطبيعة (مثل العواصف الرعدية أو المرتفعات)، الخوف من الحيوانات أو الحشرات (مثل الكلاب أو العناكب)، الخوف من الدم أو الحقن أو الإصابات (مثل السكاكين أو الإجراءات الطبية)، أو أنواع الرُهاب الأخرى (مثل الضوضاء الصاخبة أو المهرجين). وهناك أنواع أخرى عديدة من الرُهاب المحدد. فالرُهاب حول أكثر من كائن أو موقف لا يُعد من الأشياء الغير مُعتادة.

 

2- الرُهاب الإجتماعي

 

إن الرُهاب الاجتماعي أكثر من مجرد شعور بالخجل. يتضمن الرُهاب الإجتماعي مزيجًا من الوعي الذاتي المفرط والخوف من التدقيق العام، أو التعرض للإحراج في المواقف الاجتماعية المختلفة. حيث أنه في المواقف الاجتماعية، يخشى الشخص من الرفض أو التقييم السلبي أو توجيه الإساءة للآخرين.

 

3- الخوف من الأماكن المفتوحة (رُهاب الخلاء)

 

الخوف من الأماكن المكشوفة هو الخوف من موقف فعلي أو متوقع، مثل استخدام وسائل النقل العام، أو التواجد في أماكن مفتوحة أو مغلقة، أو الوقوف في طابور، أو التواجد وسط حشد من الناس، أو التواجد خارج المنزل بمفردك. والقلق في هذا النوع من الرهاب يكون ناتجًا عن الخوف من عدم وجود وسيلة للهروب أو المساعدة في حالة حدوث أي خطر.

 

معظم الأشخاص الذين يعانون من رُهاب الخلاء يصابون به بعد تعرضهم لنوبة أو أكثر من نوبات الهلع، مما يجعلهم يخافون من التعرض لنوبة أخرى، و يقوموا بتجنب المكان الذي حدثت فيه. بالنسبة لبعض الناس، قد يصل رُهاب الخلاء إلى مرحلة صعبة لدرجة أنهم يكونوا غير قادرين على مغادرة المنزل.


رُهاب الخلاء هو الخوف من نوبات الهلع

 

غالبًا ما يحدث رهاب الخلاء بشكل تدريجي، وقد يصل في النهاية إلى الخوف من مغادرة المنزل. ومع ذلك، فإن نوبة الهلع نفسها تكون بسبب الخوف، وليس بسبب الظهور في الأماكن العامة.

 

وقد تشمل علامات وأعراض رُهاب الخلاء ما يلي:


  • السلوك التجنبي: يتمثل هذا السلوك في الحد من أنشطة الحياة المختلفة، وذلك في محاولة لتجنب المواقف التي قد لا تتوفر فيها المساعدة لنوبات الهلع. ففي البداية، قد يكون السلوك نابع من الخوف من اختبار نوبة هلع في موقف معين. ولكن ذلك يمكن أن يتطور مع الوقت، ويعزل الشخص عما حوله تمامًا بالتتابع.
  • الشعور بالذعر: إن شعور المريض بالقلق من حدوث نوبة هلع يمكن أن يؤدي بدوره إلى نوبة هلع. فمع مرور الوقت، تتعمم المواقف المحددة التي يمكن أن تؤدي إلى حالة من الذعر، مما يؤدي إلى مزيد من الشعور بالقلق.

تحدث العلامات والأعراض الجسدية لرُهاب الخلاء عندما يواجه الشخص تحديًا أثناء وجوده في مكان مغلق، أو مكان لا توجد فيه وسيلة للهروب، أو الخوف من مغادرة المنزل بمفرده، أو استخدام وسائل النقل العام، وتشمل:

 

  • شعور بالضيق في المعدة
  • التعرق الزائد
  • الخوف من فقدان السيطرة
  • ضيق في التنفس
  • تزايد معدل دقات القلب

تطور رُهاب الخلاء

 

غالبًا ما ينشأ رُهاب الخلاء من اضطراب الهلع الغير معالج، ويُقدر أن ما بين ثلث ونصف الأشخاص المصابين باضطراب الهلع، يصابون برُهاب الخلاء. ومع ذلك، فإن رُهاب الخلاء يتطور أحيانًا دون وجود تاريخ سابق للشخص بالإصابة باضطراب الهلع. ويمكن من خلال أخصائي الصحة العقلية أن يتم تحديد ما إذا كانت اعراضك هي أعراض رُهاب الخلاء أو نوع اضطراب آخر.

 

الخيارات المتاحة للعلاج

 

يوصى دائمًا باللجوء للمساعدة الطبية للسيطرة على أعراض رُهاب الخلاء. يمكن أن يكون العلاج النفسي، وتحديدًا العلاجات مثل إزالة التحسس المنتظم (وهو نوع من تقنيات العلاج السلوكي يصبح فيه المريض معرض تدريجيًا لبعض محفزات الخوف من أجل التغلب على الخوف الذي يعاني منه،) فعالًا جدًا في تقليل الأعراض، وقد تكون الأدوية مفيدة أيضًا. وهناك أشياء يمكن للأشخاص القيام بها بأنفسهم للمساعدة في إدارة أعراض رُهاب الخلاء لديهم، مثل استخدام تقنيات الاسترخاء للعثور على الدعم الاجتماعي من الأشخاص الذين يثقون بهم.

 

قد يصبح من الأسهل فهم أعراض رُهاب الخلاء، إذا أدركت أن الخوف الأساسي يكون ناتجًا من التعرض لنوبة هلع، وليس من التعرض لحالة أو موقف معين. لذلك، فإن أي شيء يمكن أن يُعجل بنوبة هلع، مثل أن تجد نفسك في مكان من الصعب الهروب منه، يؤدي إلى ظهور الأعراض لديك. هذا الخوف من التعرض لنوبة هلع يُقيّد من الشخص من خلال جعله يستصعب الذهاب إلى العمل، أو الذهاب إلى المتجر، أو السفر، أو حتى مغادرة المنزل. وبدون اللجوء إلى العلاج، يمكن أن يؤدي رُهاب الخلاء إلى شعور هائل بالعزلة والوحدة، ولكن العلاجات الفعالة متاحة، ابحث عن المناسب لك منهم ولا تتردد في التخلص من هذا النوع من الرُهاب.

في الأخبار