ما هو اضطراب الشخصية الحدية؟

الدكتورة هبه الزعبي

الدكتورة هبه الزعبي

طبيبة

اضطراب الشخصية الحدية هو اضطراب في الصحة العقلية يؤثر على طريقة تفكيرك وشعورك تجاه نفسك والآخرين، مما يسبب مشاكل في الحياة اليومية. يشمل هذا الاضطراب مشاكل في الصورة الذاتية، وصعوبة إدارة العواطف والسلوك، ونمط من العلاقات غير المستقرة. مع اضطراب الشخصية الحدية، يكون لديك خوف شديد من أن يتركك من حولك أو من عدم الاستقرار، وقد تجد صعوبة في تحمل الوحدة. ومع ذلك، فإن الغضب غير المناسب، والاندفاع، والتقلبات المزاجية المتكررة، قد تدفع بالآخرين بعيدًا عنك، على الرغم من أنك تريد علاقات محبة ودائمة. يبدأ اضطراب الشخصية الحدية عادةً في بداية البلوغ، وتزداد الحالة سوءًا في مرحلة الشباب، وقد تتحسن تدريجيًا مع تقدم العمر.


الأعراض


يؤثر اضطراب الشخصية الحدية على ما تشعر به حيال نفسك، وعلى كيفية تعاملك مع الآخرين، وعلى كيفية تصرفك بشكل عام في حياتك.


 قد تشمل الأعراض ما يلي:


  • خوف شديد من الهجران، وحتى اتخاذ إجراءات متطرفة لتجنب الانفصال أو الرفض الحقيقي من شخص ما.
  •  نمط من العلاقات غير المستقرة، مثل التفكير بمثالية في شخص ما، ثم الاعتقاد فجأة أن هذا الشخص لا يهتم بما فيه الكفاية أو أنه قاسي.
  •  التغييرات السريعة في الهوية الذاتية والصورة الذاتية التي تشمل تغيير الأهداف والقيم، ورؤية نفسك كشخص سيئ، أو كما لو كنت غير موجودًا على الإطلاق وبلا أهمية.
  •  فترات من جنون الارتياب المرتبط بالتوتر وفقدان الاتصال بالواقع، وتستمر من بضع دقائق إلى بضع ساعات. 
  • السلوك المتهور والمحفوف بالمخاطر، مثل المقامرة، أو القيادة المتهورة، أو الجنس غير الآمن، أو الإنفاق المفرط، أو الإفراط في تناول الطعام، أو تعاطي المخدرات، أو تخريب النجاح عن طريق ترك وظيفة جيدة فجأة أو إنهاء علاقة إيجابية.
  • التهديدات، أو السلوك الانتحاري، أو إيذاء النفس، وغالبًا يكون استجابة للخوف من الانفصال أو الرفض.
  •  التقلبات المزاجية، وتستمر من بضع ساعات إلى بضعة أيام، والتي يمكن أن تشمل السعادة الشديدة، أو التهيج، أو الخجل، أو القلق.
  • الشعور المستمر بالفراغ.
  • الغضب الشديد وغير الملائم، مثل فقدان أعصابك بشكل متكرر، أو السخرية، أو الخوض في شجار عنيف.

الأسباب


كما هو الحال مع اضطرابات الصحة العقلية الأخرى، فإن أسباب اضطراب الشخصية الحدية ليست مفهومة تمامًا. بالإضافة إلى العوامل البيئية - مثل تاريخ إساءة معاملة الأطفال أو إهمالهم، أو الاعتداء عليهم - قد يرتبط اضطراب الشخصية الحدية بما يلي:


  • الوراثة: تشير بعض الدراسات التي أجريت على التوائم والعائلات إلى أن اضطرابات الشخصية قد تكون موروثة أو مرتبطة ارتباطًا وثيقًا باضطرابات الصحة العقلية الأخرى بين أفراد الأسرة.
  • تشوهات في المخ: أظهرت بعض الأبحاث تغييرات في مناطق معينة من المخ مرتبطة بتنظيم المشاعر، والاندفاع، والعدوانية. بالإضافة إلى ذلك، فإن بعض المواد الكيميائية في المخ التي تساعد في تنظيم الحالة المزاجية، مثل السيروتونين، قد لا تعمل بشكل صحيح.

المضاعفات


يمكن لاضطراب الشخصية الحدية أن يضر بالعديد من مجالات حياتك. فهو يمكن أن يؤثر سلبًا على العلاقات الحميمة، والوظائف، والمدرسة، والأنشطة الاجتماعية، والصورة الذاتية. فهو يؤدي إلى:


  • تغييرات أو خسائر وظيفية متكررة.
  • عدم استكمال التعليم.
  • العلاقات الغير مستقرة والمليئة بالصراعات. 
  • إيذاء النفس ودخول المستشفى بشكل متكرر.
  • التورط في علاقات مؤذية.
  • حالات الحمل غير المخطط لها، والأمراض المنقولة جنسياً. 
  • حوادث السيارات والمعارك الجسدية بسبب السلوك المتهور والمحفوف بالمخاطر.
  • محاولة الانتحار. 

التشخيص


يتم تشخيص اضطرابات الشخصية، بما في ذلك اضطراب الشخصية الحدية، بناءً على:


  • مقابلة مفصلة مع الطبيب أو المعالج النفسي
  • التقييم النفسي الذي قد يشمل استكمال بعض الاستبيانات
  • السؤال عن التاريخ الطبي 
  • مناقشة العلامات والأعراض

 عادة ما يتم تشخيص اضطراب الشخصية الحدية عند البالغين وليس الأطفال أو المراهقين. ذلك لأن ما يبدو أنه علامات وأعراض لاضطراب الشخصية الحدية قد يزول عندما يكبر الأطفال ويصبحون أكثر نضجًا.


 العلاج 


يتم علاج اضطراب الشخصية الحدية بشكل أساسي باستخدام العلاج النفسي، ولكن يمكن إضافة الأدوية. وقد يوصي طبيبك أيضًا بدخول المستشفى إذا كانت سلامتك في خطر. يمكن أن يساعدك العلاج في تعلم مهارات لإدارة حالتك والتعامل معها. من الضروري أيضًا العلاج من أي اضطرابات عقلية أخرى تحدث غالبًا جنبًا إلى جنب مع اضطراب الشخصية الحدية، مثل الاكتئاب. مع العلاج، يمكنك أن تشعر بتحسن، وتعيش حياة أكثر استقرارًا.


العلاج النفسي


 العلاج النفسي - يسمى أيضًا العلاج بالكلام - هو نهج علاجي أساسي لاضطراب الشخصية الحدية. قد يقوم المعالج الخاص بك بتكييف نوع العلاج لتلبية احتياجاتك على أفضل وجه. أهداف العلاج النفسي هي مساعدتك على:


  • التعرف على اضطراب الشخصية الحدية.
  • التركيز على قدرتك الحالية على العمل.
  • تعلم كيفية إدارة المشاعر التي تُشعرك بعدم الارتياح.
  • التقليل من اندفاعك بمساعدتك على ملاحظة مشاعرك بدلاً من التصرف بناءً عليها دون تفكير.
  • العمل على تحسين العلاقات من خلال إدراك مشاعرك ومشاعر الآخرين.

تشمل أنواع العلاج النفسي التي وُجد أنها فعالة ما يلي:


  • العلاج السلوكي الجدلي (DBT): يتضمن العلاج السلوكي الجدلي العلاج الجماعي والفردي المصمم خصيصًا لعلاج اضطراب الشخصية الحدية. يستخدم هذا العلاج نهجًا قائمًا على المهارات ليعلمك كيفية إدارة عواطفك وتحمل الضيق وتحسين العلاقات.
  • العلاج المعتمد على العقل (MBT): هو نوع من العلاج بالكلام يساعدك على تحديد أفكارك ومشاعرك في أي لحظة وإنشاء منظور بديل للموقف. يعزز هذا العلاج قدرتك على التفكير قبل الرد.
  • التدريب على التنبؤ العاطفي وحل المشكلات: هو علاج لمدة ٢٠ أسبوعًا يتضمن العمل في مجموعات تدمج أفراد عائلتك أو الأصدقاء أو غيرهم من المهمين في مرحلة العلاج. ويُستخدم بالإضافة إلى أنواع أخرى من العلاج النفسي.
  • العلاج النفسي المركّز على التحويل (TFP): يُطلق عليه أيضًا العلاج النفسي الديناميكي، ويهدف إلى مساعدتك على فهم مشاعرك والصعوبات الشخصية من خلال تطوير العلاقة بينك وبين معالجك، ثم تقوم بتطبيق هذه الأفكار على المواقف أو المشاعر التي تواجهها باستمرار.
  • الإدارة النفسية الجيدة: يعتمد نهج العلاج هذا على إدارة الحالة وترسيخ العلاج من خلال توقع المشاركة في العمل أو المدرسة. إنه يركز على فهم اللحظات الصعبة عاطفيًا من خلال النظر في السياق الشخصي للمشاعر.


قد يستغرق تعلم إدارة عواطفك وأفكارك وسلوكياتك وقتًا، لكن يتحسن معظم الأشخاص بشكل كبير مع مرور الوقت. قد تعاني دائمًا من بعض أعراض اضطراب الشخصية الحدية، وقد تواجه أوقاتًا تسوء فيها الأعراض. لكن العلاج يمكن أن يحسن قدرتك على التصرف، ويقلل من الأعراض، ويساعدك على الشعور بتحسن تجاه نفسك. لكن لديك فرصة أفضل للنجاح عندما تستشير معالج نفسي لديه خبرة في علاج اضطراب الشخصية الحدية.

في الأخبار