٥ أسباب مهمة لدراسة التنمية البشرية

الدكتورة هبه الزعبي

الدكتورة هبه الزعبي

طبيبة

هناك العديد من الجوانب في شخصيتنا التي تتغير وتتطور ونحن نسير عبر الحياة. فنحن تحكمنا تغييرات جسدية، ومعرفية، ونفسية، واجتماعية كبيرة طوال حياتنا - لكن هل تحدث هذه التغييرات بطريقة منهجية ولكل شخص؟ ما هو مقدار ما يرجع إلى علم الوراثة، وما هو مقدار التأثيرات والتجارب البيئية، سواء ضمن سيطرتنا الشخصية أو خارجها؟ هل هناك مسار واحد للتطوير، أم أن هناك العديد من مراحل التطوير المختلفة التي تمر بها شخصية الإنسان؟ يرجع فهمنا لتلك التغييرات في شخصية الإنسان إلى علم يسمى التنمية البشرية. وتعد دراسة التنمية البشرية مهمة حيث أنها تعطينا المعرفة الأساسية حول كيفية نمو الناس، وما هي التغيرات التي يواجهونها في كل مرحلة من مراحل الحياة، خاصةً إذا كنت تتخصص في مجال مثل:

  • الرعاية الصحية
  •  التعليم
  • التمريض
  • علم النفس
  • الخدمة الاجتماعية

بينما يمكن للناس في هذه المجالات الاستفادة، فإن فهم التنمية البشرية يمكن أن يكون مفيدًا لأي شخص. في هذه المقالة، سنقوم بفحص بعض الأسباب التي تُثبت أهمية دراسة التنمية البشرية. 


1- تساعدك على فهم التغيرات التي تواجهها

 

عندما نفكر في التنمية البشرية، من السهل أن نفكر فيها على أنها عملية لا تستمر بمجرد بلوغنا إلى سن الرشد. ومع ذلك، من المهم أن ندرك أن التنمية البشرية هي عملية مستمرة طوال الحياة. عندما تصل إلى مرحلة البلوغ، تتنقل إلى منتصف العمر، ثم تواجه بداية الشيخوخة، ومع كل مرحلة، سيفيدك الحصول على فهم أكبر لكيفية استمرار الناس في النمو والتغيير مع تقدمهم في السن. يمكن أن يساعدك ذلك على تقدير وإدارة جميع مراحل حياتك وفِهم نفسك والمشاكل التي قد تواجهها بشكل أسرع.


2- تساعدك على فهم ذاتك بشكل أفضل

 

إن تعلّم المزيد حول كيفية نمو الأطفال والتغيرات التي يمرون بها كلما ازداد عمرهم، ستعطيك نظرة ثاقبة إضافية حول التغيرات والتطورات التي واجهتها، وتحديد التجارب التي شكلت شخصيتك ورغباتك، وفِهم تأثير نشأتك على شخصيتك اليوم. يمكن أن يساعدك ذلك أيضًا في توسيع مداركك تجاه مستقبلك والمشاكل التي قد تقابلها. وحتى ستستطيع فهم مرحلة الشيخوخة وكيف يتغير جسم الإنسان فيها، وبالتالي، ستكون مستعدًا بشكل أفضل عندما تواجه أي مشكلات مرتبطة بالتقدم في السن. ستكون قادرًا أيضًا على:

 

  • معالجة مخاوف التقدم في العمر.
  • تكوين علاقات تدعمك في تلك المرحلة.
  • اتخاذ خيارات صحية لحياتك.
  • التخطيط لاحتياجاتك بشكل حكيم.


لا تتبع الشيخوخة دائمًا مسارًا محددًا، فهناك أيضًا مجموعة متنوعة من العوامل التي يمكن أن تؤثر على المسار الذي تتبعه حياتك. يمكن أن يساعدك دراسة هذه التأثيرات والعوامل في اتخاذ خيارات قد تؤثر على حياتك بشكل أفضل عندما تتقدم في العمر.


3- تساعدك في التعرّف أكثر على أطفالك

 

يمكن للوالدين الاستفادة من معرفة المزيد عن كيفية تطور الأطفال، حيث يحدث الكثير من التغيرات في حياة الأطفال، من مرحلة الطفولة إلى البلوغ. لذلك، من المهم فهم ما يحدث في كل مرحلة من تلك المراحل حتى يتعامل الأهل مع أطفالهم بذكاء وحكمة. فمن خلال معرفة المزيد حول مراحل تطورهم، يمكن للوالدين مساعدة أطفالهم على النمو بطرق صحية، ومواجهة التحديات التي قد تواجههم، وتخطي تلك المراحل بشكل آمن. 


بالإضافة إلى تعلم الكثير من الأشياء التي يمكن أن تساعد الآباء في أن يكونوا أفضل، يمكنهم أيضًا اكتساب نظرة ثاقبة حول كيفية تصرف أطفالهم وطريقة تفكيرهم وشعورهم تجاه حياتهم وأنفسهم. إن التنمية البشرية عملية معقدة، لذا فإن تعلم المزيد عن كيفية نمو الأطفال جسديًا، واجتماعيًا، وعاطفيًا، ومعرفيًا يمكن أن يؤدي إلى فهم أعمق للأطفال من جميع الأعمار.


4- تساعدك في تعلم كيفية التعامل مع الأطفال


إذا كنت معلمًا أو تتخصص في الخدمة الاجتماعية، فإن دراسة التنمية البشرية يمكن أن تحسن بشكل كبير من قدرتك على التفاعل مع الأطفال. تتضمن بعض العوامل التي يجب مراعاتها عند التفاعل مع الأطفال ما يلي:


  • التواصل بطرق مناسبة لعمرهم.
  • تشجيعهم على النشاطات المناسبة.
  • مساعدة الأطفال على التعبير عن مشاعرهم وفهمها.
  • تعزيز السلوكيات الإيجابية لديهم.

بمجرد أن تفهم بشكل أفضل مراحل تطور الأطفال، وما الذي يجعل الأطفال يتصرفون أو يشعرون بطريقة معينة، ستشعر براحة أكبر في التحدث، واللعب، والعمل معهم، وستكون قادرًا على مساعدتهم. 


5- تساعدك على تعلّم اكتشاف المشاكل

 

سبب مهم آخر لدراسة التنمية البشرية هو أنه يمكنك اكتساب فهم أكبر لما هو طبيعي ومُتعارف عليه في مراحل تطور الإنسان. فبينما يختلف كل شخص، تميل التنمية البشرية إلى اتباع نمط يمكن التنبؤ به بشكل ملحوظ. بمجرد دراسة التطور، ستعرف ما هو معتاد في أعمار ومراحل معينة. ولعل الأهم من ذلك أن دراسة التنمية البشرية تجعل من السهل اكتشاف العلامات المحتملة للمشاكل التي قد يواجهها الشخص؛ من مشاكل النمو المعرفي، أو الاجتماعي، أو العاطفي، في مرحلة الطفولة المبكرة إلى المراحل اللاحقة في الحياة. إن القدرة على تحديد المشكلات المحتملة أمر مهم، وكلما تم اكتشاف مشاكل مراحل النمو مبكرًا، يمكن أن تبدأ التدخل في وقت مبكر وتعلّم كيفية حلها. بغض النظر عن المشكلة، يمكن أن يؤدي الاكتشاف المبكر لها وعلاجها بشكل صحيح إلى نتائج أفضل.



تعد دراسة علم النفس التنموي أمرًا ضروريًا لفهم كيف يتطور البشر، وينضجون، ويتكيفون. فطوال الحياة، يمر البشر بمراحل مختلفة من التطور. ويدرس علماء النفس التنموي جميع تلك التطورات والتغيرات التي يواجهها الأشخاص في مراحل الحياة المختلفة، ويقومون بإجراء بحثًا مصممًا لمساعدة الأشخاص على الوصول إلى مشاعرهم المدفونة وفهم أنفسهم. ومن يرغبون في تعلّم التنمية البشرية، فسيساعدهم ذلك في تعلّم المفاهيم التنموية في علم النفس، وسيعطيهم فهمًا واضحًا للديناميكيات الأساسية التي تكمن وراء السلوك البشري في مراحل مختلفة من العمر. بالإضافة إلى ذلك، ستتاح لهم الفرصة لدراسة جميع المراحل العمرية من الطفولة وإلى الشيخوخة، بجانب نماذج نظرية مهمة للتنمية البشرية وموضوعات محددة مثل علم الوراثة، والتعلّم، والذكاء، والتنشئة الاجتماعية والشخصية، وتحديد دور الجنس، واكتساب اللغة، والتنمية الأخلاقية في حياة الأشخاص، وكيف تؤثر تلك العوامل على حياتهم.

في الأخبار