هل تعلم أنه هناك حوار دائر داخل رأسك؟ إنه موجود طوال اليوم، كل يوم، ويمكن أن يكون له تأثير هائل على حالتك الذهنية. هذا هو بالضبط سبب أهمية الحديث الإيجابي مع النفس لصحتك العقلية والعاطفية. يمكن أن يكون للحديث مع الذات أو حوارك الداخلي تأثيرًا كبيرًا على احترامك لذاتك، وقيمتك الذاتية، والطريقة التي ترى بها العالم. حيث اتضح أن الإيجابية يمكن أن يكون لها تأثير هائل على صحتك وسعادتك. ومع ذلك، فالأمر ليس سهلًا، مثل النظر في المرآة لقول بعض العبارات الإيجابية. يتطلب الحوار الداخلي الإيجابي تدريبًا ويجب اعتباره جزءًا من روتين الرعاية الذاتية الخاص بك.
ما هو الحديث الذاتي الإيجابي؟
الحديث الذاتي، هو سرد داخلي أو صوت داخلي يدور في رأسك طوال اليوم. قد لا تدرك حدوث ذلك حتى لكن هذا الحوار الداخلي يدور داخلك عبر جميع تجارب الحياة، من إعداد وصفة طعام، أو إكمال مهمة في العمل، إلى تدوين ملاحظات حول بيئتك وتفاعلاتك الاجتماعية.
يُعتقد أن الحديث الذاتي عبارة عن أفكار واعية وغير واعية. يمكن أن تكون هذه الأفكار سلبية أو إيجابية، وفي بعض الأحيان يمكننا الدخول في أنماط من الحديث الذاتي تميل في اتجاه واحد. الحديث السلبي عن النفس، على سبيل المثال، هو عندما نتذكر التجارب السلبية ونعيد التفكير في الأفكار السلبية حول عدم كوننا جيدين بما يكفي مرارًا وتكرارًا. في النهاية، تبدأ هذه الأفكار الداخلية في تغيير طريقة تفكيرنا وتؤثر على إحساسنا بقيمتنا الذاتية.
أما الحديث الإيجابي عن النفس، من ناحية أخرى، هو عندما تغذي نفسك بالأفكار اللطيفة والتفهم. إنه ينبع من التعاطف مع الذات وحب الذات. تشير الأبحاث إلى أن الانخراط في الحديث الذاتي الإيجابي، يمكن أن يساعد في تغيير السلوكيات ومكافحة مشكلات الصحة العقلية، مثل الاكتئاب والقلق. الحديث الذاتي الإيجابي للأطفال مهم أيضًا ويمكن أن يكون له نفس الفوائد الصحية.
فوائد الحديث الذاتي الإيجابي
1- يقلل التوتر
تتمثل إحدى الفوائد الرئيسية للحديث الذاتي الإيجابي في قدرته على مساعدتك على مواجهة المواقف الصعبة التي تسبب لك التوتر. حيث أنه يبقيك في مزاج متفائل، مما يتيح لك التعامل بشكل أفضل مع الأحداث أو الظروف المجهدة.
تسلط الدراسات الضوء على أن التحدث الذاتي الإيجابي يمكن أن يكون له تأثير كبير على الشخص، والتوتر إذا لم تتم مواجهته يمكن أن يزيد من ضعف جهاز المناعة واضطرابات الصحة العقلية. فتستطيع من خلال الحديث الذاتي الإيجابي حل المشكلات والتعامل مع تحديات الحياة، وبالتالي تقليل التوتر وعواقبه الصحية.
2- يخفف القلق
تشير الأبحاث إلى أن التفكير الإيجابي يساعد في التخفيف من الشعور بالقلق. ولمواجهة مشاعر القلق، يمكنك استبدال القلق بحوار داخلي أكثر إيجابية. وجدت دراسة لتقييم فعالية التدريب على الحديث الذاتي الإيجابي على الرياضيين الصغار، أنه يقلل من القلق، ويزيد الثقة بالنفس، ويحسن الأداء.
3- يعزز الثقة بالنفس
تشير الأبحاث إلى أن الحديث الإيجابي مع النفس، يعمل على زيادة الثقة بالنفس مما يحسن الأداء والعلاقات المهنية. وهو ما يعد النقيض للأفكار الداخلية السلبية التي يمكن أن تؤدي إلى مشاكل احترام الذات والشعور بانعدام القيمة.
4- يزيد السعادة
هل ما زلت تحاول معرفة كيف تكون سعيدًا؟ اتضح أن ممارسة الحديث الذاتي الإيجابي تزيد من السعادة، وقد تجعلك تشعر بمزيد من النشاط والتفاؤل. حيث أنه في الحالة المزاجية الإيجابية، يمكننا التواصل بشكل أفضل مع الآخرين. وتشير الأبحاث إلى أن السعي وراء السعادة وإعطاء الأولوية للإيجابية يرتبطان أكثر بعيّش حياة مليئة بالإيجابية.
5- يشجع على العادات الصحية
يشجعك الحديث الإيجابي مع النفس على اختيار العادات الصحية والتمسك بها. المفتاح هو جعل أفكارك الإيجابية تفوق أفكارك السلبية، مما يتيح لك أن تكون في حالة ذهنية أكثر صحة وتفاؤلًا. كيف ستتعامل مع جسدك جيدًا عندما تحبط نفسك باستمرار أو تفكر بشكل سلبي في العالم؟ حوارك الداخلي له تأثير كبير على مزاجك ودوافعك للبقاء بصحة جيدة.
لماذا ينخرط الناس في الحديث الذاتي السلبي؟
إذا نظرت إلى العوامل النفسية المتعلقة بالتفكير السلبي، فسترى غالبًا أربع فئات تُستخدم لشرح كيف ولماذا ينخرط الناس في الحديث الذاتي السلبي. تشمل هذه الفئات:
- التخصيص: لوم نفسك على كل ما يحدث بشكل خاطئ.
- المكابرة: تميل إلى التركيز فقط على العوامل السلبية لتجربة أو موقف ما، بينما تتجاهل العوامل الإيجابية.
- الاستقطاب: ترى الأشياء على أنها "أبيض وأسود" بدون أرضية رمادية أو وسطى. هذا يعني أن الأشياء إما سلبية أو إيجابية، جيدة أو سيئة.
- التشاؤم: تتوقع دائمًا نتائج أسوأ أو سلبية.
يعمل الحديث الإيجابي مع النفس من خلال تغيير روايتك الداخلية بحيث تكون البطل بدلًا من الشرير. عندما تفعل ذلك بانتظام تبدأ في تغيير طريقة تفكيرك وشعورك بقيمتك الذاتية. إذا كنت جديدًا في ممارسة هذا النوع من الرعاية الذاتية، فإليك بعض الخطوات التي يجب اتباعها للبدء:
1- تحديد العوامل السلبية للحديث الذاتي
قبل أن تتمكن من مواجهة الرسائل الداخلية السلبية بنجاح، عليك أن تحدد محفزات الحديث الذاتي السلبي. ما هي الأحداث أو المواقف التي تؤدي إلى الحديث الذاتي السلبي بالنسبة لك؟ ربما يكون ذلك عندما تكون وسط مجموعة من الناس أو تنجز مهمة في العمل، أو ترعى أطفالك، أو تمارس الرياضة. يساعد ذلك على كتابة الرسائل السلبية الموجودة في رأسك والعمل على إنشاء تعويذات تتصدى لهذه الأفكار الضارة.
2- الممارسة اليومية
يستغرق الأمر وقتًا وممارسة لتغيير حوارك الداخلي بشكل جذري. كن صبورًا مع نفسك وخصص وقتًا كل يوم لممارسة الحديث الإيجابي مع النفس. مارس عباراتك الإيجابية، أو العبارات التي تمنحك الفخر، والطاقة، والشعور بقيمة الذات.
3- البعد عن محفزات الحديث الذاتي السلبي
إذا كان هناك نشاط، أو بيئة، أو شخص يؤدي دائمًا إلى الحديث الذاتي السلبي والشك بالذات، فقد يكون الوقت قد حان للتفكير في إجراء تغيير في حياتك. إذا لم يكن ذلك مفيدًا لك، ولصحتك، وسعادتك، فاستكشف الخيارات الأخرى. قد يعني هذا إحاطة نفسك بأشخاص إيجابيين والحفاظ على مسافة من أولئك السلبيين. يمكن أن يعني أيضًا قضاء وقتك في بيئات إيجابية وراقية، بدلًا من الوقوع في روتين سلبي.
أمثلة للحديث الذاتي الإيجابي
هناك العديد من الطرق للانخراط في الحديث الذاتي الإيجابي، وهناك أيضًا استراتيجيات تساعد الناس على البقاء في مزاج إيجابي. وفيما يلي بعض الأمثلة على العبارات الإيجابية التي يمكنك استخدامها للتحدث مع النفس أو العبارات التي يمكنك العمل عليها في يومك لتشكيل عقلية إيجابية:
- لدي قيمة وهدف.
- فخور بنفسي.
- أنا مسؤول عما أشعر به.
- اختارت السعادة.
- أنا جيد بما فيه الكفاية.
- لدي القوة لإحداث التغيير.
- لن استسلم ابدًا.
- أنا مسؤول عن صحتي وسعادتي.
المخاطر والآثار الجانبية
ما هي المخاطر والآثار الجانبية للحديث الإيجابي مع النفس؟ من الآمن أن نقول إنه لا يوجد أي شيء. ولكن عليك أن تضع في اعتبارك ألا تنكر ما تشعر به. فإذا كان هناك شيء يزعجك أو يسبب لك ألمًا عاطفيًا، فلا تقم بتغطيته بالحديث الذاتي الإيجابي. قد تضطر إلى التعامل مع هذه القضايا والأفكار السلبية التي تحيط بها. وإذا كنت بحاجة إلى مساعدة، فتواصل مع أحد أفراد أسرتك أو معالج نفسي.
وعلى الجهة الأخرى فإن الحديث السلبي مع النفس، يمكن أن يسبب ضررًا حقيقيًا، مما يؤدي إلى زيادة الشعور بالتوتر، والقلق، والاكتئاب، وسوء الحالة المزاجية، وضعف العلاقات.
هل من الطبيعي التحدث مع نفسك؟ نعم! كلنا نفعل ذلك طوال اليوم، كل يوم. إنه يسمى حوارنا الداخلي وهو أمر طبيعي تمامًا. الحديث الإيجابي مع النفس هو عندما يكون حوارك الداخلي متفائلًا ومشجعًا. تظهر الأبحاث أن استخدام الحديث الإيجابي عن النفس طريقة رائعة للتأثير بشكل إيجابي على مزاجك، وعلاقاتك، وشعورك بقيمة الذات والصحة العامة. المفتاح هو التفوق على الحديث الذاتي السلبي بالأفكار الإيجابية. يمكنك القيام بذلك عن طريق تحديد ما يثير الأفكار الداخلية السلبية وإنشاء تعويذات أو عبارات داخلية لمواجهة هذه العقبات.