
في كتابه "عمل وحياة 91 شخصًا بارزًا" في عام 1996، اقترح عالم النفس الإيجابي "ميهالي سيكسزنتميلياي": "أنه من بين جميع الأنشطة البشرية المختلفة، يكون الإبداع هو أكثر ما يستطيع مساعدتنا في إشباع ما نأمل جميعًا في تحقيقه في حياتنا". حيث يسمح لنا الإبداع بتوسيع عقولنا، والقيام بأشياء جديدة ومثيرة، وإشراك أنفسنا في أنشطة مختلفة بطريقة تقربنا من الوصول إلى إمكاناتنا الكاملة. إذن ما الذي يجعل الشخص مبدعًا بالضبط؟ هل يولد بعض الناس وهم يتمتعون بهذه الهِبة، أم أنها مهارة يمكن تطويرها مثل العضلات؟. يقترح "ميهالي سيكسزنتميلياي": "إن بعض الأشخاص يتمتعون بسِمة الإبداع بشكل طبيعي، في حين أن البعض الآخر يستطيعون اكتسابها. وعلى من يستطيعوا اكتسابها دمج بعض الممارسات الإبداعية في حياتهم اليومية للوصول إلى إمكاناتهم الإبداعية الكاملة".
استمر في قراءة هذه المقالة لمعرفة المزيد عن أبحاث عالم النفس "ميهالي سيكسزنتميلياي" والمهارات الثمانية التي يعتقد أن المبدعين يمتلكونها.
1- الأشخاص المبدعون نشيطون ولكن تركيزهم حاد.
يتمتع المبدعون بقدر كبير من الطاقة الجسدية والعقلية. فهم يمكنهم قضاء ساعات في العمل على شيء واحد يجذب انتباههم، ولكنهم يستطيعون أن يظلوا متحمسين حول ما يدور حولهم طوال الوقت. هذا لا يعني أن المبدعين مفرطون النشاط أو مهووسون. هم يتمتعون بالخيال والفضول، ويقضون وقتًا طويلًا للاستمتاع بفترات الراحة، ويفكرون بهدوء في الأشياء التي تثير اهتمامهم.
2- الأشخاص المبدعون أذكياء، لكنهم بسطاء أيضًا.
يميل المبدعون إلى أن يكونوا أذكياء، لكن الأبحاث في عام 2013 أظهرت أن الحصول على معدل ذكاء عالٍ جدًا لا يرتبط بالضرورة بمستويات أعلى من الإنجاز الإبداعي، حيث أن سمات الشخصية مهمة أيضًا.
في دراسة العالم النفسي "لويس تيرمان" الشهيرة للأطفال الموهوبين، أظهر الأطفال ذوي الذكاء المرتفع أداءً أفضل في الحياة عمومًا، لكن أولئك الذين لديهم معدل ذكاء مرتفع للغاية لم يكونوا مبدعين بشكل عام. فقد أظهر عدد قليل جدًا من هؤلاء المشاركين في الدراسة مستويات عالية من الإنجاز الفني في وقت لاحق من الحياة.
ويلاحظ عالم النفس الإيجابي "ميهالي سيكسزنتميلياي"، أن الدراسات تشير إلى أنه يبدو أن هناك حدًا نهائيًا للذكاء عند حوالي 120 نقطة. امتلاك ذكاء أعلى من المتوسط قد يساهم في الإبداع، ولكن الحصول على معدل ذكاء يزيد عن 120 نقطة، لا يؤدي بالضرورة إلى التمتع بقدر أكبر من الإبداع. حيث أن الإبداع ينطوي على قدر معين من الحكمة والطفولة. إن الأشخاص المبدعين أذكياء، لكنهم قادرون على الحفاظ على شعورهم بالفضول والقدرة على النظر إلى العالم بأعين جديدة.
3- الأشخاص المبدعون مرحون، لكنهم منضبطين.
يشير "ميهالي سيكسزنتميلياي" إلى أن السلوك المرح هو أحد السمات المميزة للإبداع، ولكن هذه الحماسة تنعكس أيضًا في سمة متناقضة رئيسية، وهي المثابرة. فعند العمل في مشروع ما، يميل المبدعون إلى إظهار التصميم والإصرار. سيعملون لساعات على العمل الذي يجب أن ينهوه، وغالبًا ما يسهرون حتى وقت متأخر من الليل حتى يرضوا عن أدائهم.
من الخارج، يبدو الأمر مثيرًا وساحرًا. وبالنسبة للكثيرين فإن كونك فنانًا ينطوي بالتأكيد على قدر كبير من الإثارة. لكن كونك فنانًا ناجحًا يحتاج أيضًا الكثير من العمل، وهو ما يفشل الكثير من الناس في رؤيته. ومع ذلك، يدرك الشخص المبدع أن الإبداع الحقيقي ينطوي على الجمع بين كل من المرح والعمل الجاد.
4- الأشخاص المبدعون حالمون بشكل واقعي.
يحب المبدعون أحلام اليقظة، وتخيل إمكانيات وعجائب العالم، ويمكنهم الانغماس في الخيال لمدة. ومع ذلك يظلون راسخين في الواقع. وعلى الرغم من أنهم غالبًا ما يوصفون بأنهم حالمون، إلا أن هذا لا يعني أنهم يعيشون وهم مغيبون عن الواقع.
ويوضح "ميهالي سيكسزنتميلياي": "أن الفن والعلم العظيمان ينطويان على قفزة من الخيال إلى عالم مختلف عن الحاضر. غالبًا ما ينظر بقية المجتمع إلى هذه الأفكار الجديدة على أنها أوهام لا علاقة لها بالواقع الحالي. وهم على حق، لكن الهدف الأساسي من الفن والعلم هو تجاوز ما نعتبره الآن حقيقيًا وخلق واقع جديد ".
5- الأشخاص المبدعون منفتحون وانطوائيون.
في حين أننا غالبًا ما نقع في فخ تصنيف الأشخاص على أنهم منفتحون أو انطوائيون فقط، يقترح عالم النفس الإيجابي "ميهالي سيكسزنتميلياي": أن الإبداع يتطلب الجمع بين هذين النوعين من الشخصيات. أظهرت الأبحاث أن الناس يميلون إلى أن يكونوا إما أكثر انفتاحًا أو انطوائية، وأن هذه السمات مستقرة بشكل ملحوظ في شخصياتهم. كلاهما اجتماعي ومتحفظ، اجتماعي وهادئ. يمكن أن يؤدي التفاعل مع الآخرين إلى توليد الأفكار والإلهام، ويسمح التراجع إلى مكان هادئ للأفراد المبدعين باستكشاف مصادر الإبداع بشكل كامل.
6- الأشخاص المبدعون فخورون ومتواضعون.
يميل الأشخاص المبدعون جدًا إلى الافتخار بإنجازاتهم، ومع ذلك فهم يدركون أيضًا مكانتهم. فهم لديهم احترام كبير للآخرين الذين يعملون في مجالهم وتأثير تلك الابتكارات السابقة على عملهم. يمكنهم أيضًا أن يروا أن عملهم غالبًا ما يكون رائعًا مقارنة بعمل الآخرين، لكنه ليس شيئًا يركزون عليه.
7- الأشخاص المبدعون ليسوا مقيدين بالأدوار الصارمة بين الجنسين.
يعتقد "ميهالي سيكسزنتميلياي" أن الأفراد المبدعين يقاومون إلى حد ما على الأقل القوالب النمطية والأدوار الجنسية الصارمة التي يحاول المجتمع فرضها. ويقترح أن تكون النساء المبدعات أكثر هيمنة من النساء الأخريات، في حين أن الأولاد والرجال المبدعين أقل عدوانية وأكثر حساسية من غيرهم من الذكور. ويشرح قائلًا: "من المرجح أن يتمتع الأفراد المبدعون ليس فقط بنقاط القوة الخاصة بجنسهم ولكن تلك الخاصة بالجنس الآخر أيضًا".
8- الأشخاص المبدعون شغوفون ولكنهم موضوعيون في عملهم.
لا يستمتع المبدعون بعملهم فحسب، بل إنهم يحبون ما يفعلونه بشدة. لكن مجرد الشغف بشيء ما لا يؤدي بالضرورة إلى نتائج رائعة. تخيل كاتبًا مغرمًا بكتاباته لدرجة أنه لا يرغب في تعديل جملة واحدة فيها. يحب المبدعون عملهم، لكنهم أيضًا موضوعيون بشأنه ومستعدون لنقده. إنهم قادرون على فصل أنفسهم عن عملهم ورؤية المجالات التي تحتاج إلى التطوير والتحسين.
الإبداع من الممكن أن يكون شيئًا ولدت به، أي أنه هِبة أعطيت لك أو مهارة استطعت ان تكتسبها بطرق مختلفة. وفي الحالتين يحتاج الإبداع إلى صِقله وتطويره؛ لتطلق العنان لإمكاناتك الحقيقية. لذلك، يمكنك اكتساب والتركيز على بعض من الخصائص التي ذكرناها في المقالة لتصل إلى المستوى الذي تطمح له من الإبداع في حياتك العملية والشخصية.