سن المراهقة: أشياء عليك أن تعرفها عن ابنك المصاب بالقلق

الدكتورة هبه الزعبي

الدكتورة هبه الزعبي

طبيبة

أحيانًا نحكم على أطفالنا بأنهم سيئون الأخلاق، ولكننا لم نتعمق بما فيه الكفاية في نفسيتهم لنرى ما يدفعهم لسلك هذا الدرب الأخلاقي. كثيرًا ما يدفعهم هو الخوف والإحراج الاجتماعي، ويكون السبب في ذلك هو اضطراب القلق، سواء إن كنّا على علم بمرضهم أو لا. قد لا نفهم قدر خطورة هذا الأمر عليهم وعلى أفعالهم اليومية، ولهذا لا نأخذ أي خطوة إيجابية تجاه فهمهم على الأقل. عزيزي القارئ، بدلًا من أن تحارب ابنك المصاب بالقلق، فما رأيك في أن تحاول فهمه وإدراك مشاعره الداخلية كي تعالج مشاكله من جذورها وتعرف كيفية التعامل معه بالشكل الصحيح المناسب. ولهذا قد أتينا لك بعدد من الأشياء التي قد تهمك كثيرًا إذا كان لديك ولد/بنت في سن المراهقة يعاني من اضطراب القلق.


  • أفعاله الوقحة نابعة من قلقه


إليك مثال على الأفعال الوقحة التي من الممكن أن تصدر منه في حالات القلق الشديد بقصد أو بدون قصد: زميل له قد أعطاه دعوة ليوم عيد ميلاده الذي سيقيمه في حلبة تزلج، ولكنه خبأ تلك الدعوة أو ألقاها في سلة المهملات، بعد ذلك أنت تكتشف فعلته بالصدفة عندما تسألك والدته عن السبب وراء عدم حضوره. قد يكون السبب وراء هذا الفعل بالنسبة لك هو الوقاحة، ولكن هذا لم يكن الدافع بالنسبة له، فهو قلق حيال التزلج أمام جمع من الناس ولا يرغب في أن يعترف أمامك بهذا.


  • التهرب من المناسبات الاجتماعية يرجع إلى خوفه


 في الكثير من المواقف الاجتماعية قد يشعر ابنك بالقلق الزائد، حتى أنه قد يصل به الأمر إلى حد التعرق وعدم القدرة على التنفس والحركة، وهذا من الممكن أن يدفعه إلى الهروب. على سبيل المثال، إذا كان طفلك في فريق كورال المدرسة، وقد اختاره المُدرس ليرأس الفريق صوتيًا، من الممكن أن يجعله هذا يهرب فورًا من المكان عن طريق خلق أي عذر، حتى وإن كان لا يُصدق على الإطلاق. ومن هنا نفهم أن دافعه لم يكن نابعًا من الوقاحة أو سوء الأخلاق، ولكن الخوف والقلق هما المحرك الأساسي له في هذه الحالة. 


  • التغييرات الحياتية والمجهول صعبان على ابنك المصاب بالقلق 


إذا وجدت ابنك المراهق يتصرف بطريقة غريبة أو يشعر بالخجل مع اقتراب مناسبات أو أحداث معينة مثل امتحان كبير أو نهائيات دورة كرة القدم المشارك فيها فريقه، فلا تقلق. الأشخاص المصابون بالقلق يجزعون عندما يتعاملون مع المجهول أو مع التغييرات بشكل عام. وعلى الرغم من أنهم قد ينجحون في اجتياز التغيير أو الأمر الذي يخافون منه إلا أن احساسهم تجاه الأمر ليس جيدًا على الإطلاق، فهو ثقيل عليهم للغاية. 


  • عند الاستعداد سيمارس أنشطته


عزيزي الأب/الأم، لا تجبر ابنك على أن يقوم بفعل أو نشاط ما، حتى وإن كان في صالحه، فهذا لن يعود عليه وعليك بنتيجة، وخصوصًا إذا كان يشعر بالقلق منه والرعب. على سبيل المثال، إذا كان طفلك في فريق السباحة، وقد ارتعب من فكرة النزول في الماء العميق، فلا تجبره على القيام بذلك، وخصوصًا إذا كان هناك ردة فعل قوية من جهته، مثل البكاء. فعندما يشعر ابنك بالاستعداد، سيقوم بذلك بشجاعة لم تراها منه من قبل. أنا أعلم أن كل ما يدور في عقلك الآن هو عامل الوقت، ولكن اشطب الآن على الوقت أو اجعله صديقًا لك وله، واترك له المساحة في أن يستعد نفسيًا لكل ما يريده من أهداف. 


  • القلق قد يؤثر على صحة ابنك الجسدية 


إذا رأيت ابنك يعاني من مشاكل في معدته، أو من صعوبة في النوم، أو أنه يطحن أسنانه بشكل لا إرادي، أو غير ذلك، فمن الممكن أن يكون هذا علامة على أنه يعاني من اضطراب القلق. فإذا لم تأخذه من قبل إلى دكتور نفسي ولم تسعى إلى تشخيص حالته، فهذا الوقت المناسب لهذا. فالقلق لا يؤثر فقط على السلوك والأفعال، ولكنه قد يؤثر بالسلب على صحته الجسدية أيضًا. وبعيدًا عن اضطراب القلق، فالتشخيص الطبي ضروري، وخصوصًا عندما يعاني ابنك من شيء مجهول الهوية بالنسبة لك. 


  • اخلق متنفسًا لابنك


شجع ابنك على أن يكون له شغف وعلى أن يستفيد منه، فإذا كان يحب الكتابة، وخصوصًا كتابة اليوميات، فمن الممكن أن تصبح طوق نجاته من حالة القلق التي يعاني منها، فهي بمثابة منفذ مريح له لينقش عليها أفكاره وأحاسيسه دون الخوف من التعرض إلى السخرية أو الإهانة. إدارة القلق بشكل عام تتطلب وجود نشاط أو رياضة يستطيع أن يُخرج فيها ابنك أحاسيسه وأفكاره بشكل فعال دون قلق أو إحراج.


  • ذكّر ابنك بأنك دائمًا موجود


في الأغلب ابنك المراهق يفضل أو يلجأ إلى الصمت، وعدم إدخالك إلى حياته عمدًا، وعدم البوح بأي مخاوف قد يكون يعاني منها بشكل يومي، وتعددت الأسباب وراء ذلك، من الممكن أن يرجع ذلك إلى اقتناعه الداخلي بأنك لن تفهمه تمامًا ولن تستطيع أن تحل مشاكله. من المهم أن تذكره أنك دائمًا موجود من أجله وأنك ستأتي على الفور عند احتياجه لك. فيجب أن يعرف أنك أنت مساحته الآمنة التي يستطيع أن يلجأ لها في أي وقت. 


وفي النهاية، حضنك وطريقة تعاملك مع ابنك المراهق يؤثران على نفسيته التي بالتأكيد ستؤثر هي الأخرى على سلوكه اليومي معك ومع الآخرين من حوله. والحضن هنا يعني رحمتك به وحنانك عليه. فالحنان والتفهم جزءان أساسيان في أي تربية سليمة صحية. فقط اجعل نفسك مأمنه، وسيجري إليك في الوقت الذي يكون في أمس الحاجة إلى ظهره. 

في الأخبار