كيف تغرس القيم والأخلاق الحميدة في طفلك دون اللجوء إلى أسلوب التخويف؟

الدكتورة هبه الزعبي

الدكتورة هبه الزعبي

طبيبة

كل الآباء يتمنون أن يتصرف أطفالهم بالشكل الصحيح حتى في عدم وجودهم إلى جوارهم في المواقف الحياتية المختلفة. من منّا لا يريد أن يرى حصاد مجهوده على أفعال وردود أفعال طفله؟ فالمبدأ ليس في اتباع الطفل للقيم والأخلاق الحميدة في أثناء وجود والده/والدته فقط، ولكن كل شيء يتمحور حول أفعاله المنفردة التي اتخذها بمحض إرادته في المواقف المختلفة البعيدة عن محيط الأب والأم. ولأن دائمًا أسلوب التخويف لا يجدي على الإطلاق في تربية الأطفال، أتينا بتلك المقالة التي تتناول بعض الخطوات التي ستساعدك على غرس الأخلاق الحميدة في طفلك. 


لماذا من الضروري ألا تتبع أسلوب التخويف في أثناء تربية طفلك؟ 


إذا كان طفلك يشارك ألعابه بدافع الخوف لأنك هددته من قبل أن تصادرها إلا في حالة مشاركته بها مع أشقائه، فأنت بتلك الطريقة لا تغرس فيه قيمة الكرم والعطاء. فأنت بالتأكيد تريده أن يلتزم بالسلوك الجيد وأن يختاره لأنه متأكد من أنه الشيء الصحيح الذي يجب فعله، وألا يكون دافعه الوحيد هو الخوف. فإذا أردت أن يتبع السلوك الجيد وأنت لست في الجوار، عليك أن تلعب على وتر "الدوافع الطبيعية" لطفلك، وأن تعلمه الصواب، حتى وإن كان ولا بد أن تتناقش معه أكثر من مرة في نفس الموضوع وأن تُعيد طرح الفكرة التي تريد أن تغرسها فيه بطرق مختلفة. فكل شيء يتمحور حول صبرك معه وتأنيك في عملية غرس الأخلاق الجيدة فيه. 


كيفية غرس القيم الحميدة في طفلك


  • أجب على أسئلة طفلك


عندما يسألك طفلك عن سبب الخطأ في صراخه في وجه أخيه أو في مضايقته له، عليك أن تأخذ وقتك في الرد وأن تتناقش معه كشخص ناضج أمامك وأن يتمحور كلامك حول سلوكه في حد ذاته. وضح سبب قبول السلوك أو رفضه. على سبيل مثال، في الموقف السابق من الممكن أن ترد بالآتي "أنت لا تحب أن يصرخ في وجهك الآخرين. أنت تؤذي مشاعر أخيك وتجعله يشعر بالسوء عندما تصرخ في وجهه". اجعل تفسيراتك موجزة وبسيطة ليفهمها طفلك الصغير. قالت الدكتورة باديلا ووكر، المدير المساعد لكلية الحياة الأسرية بجامعة بريغهام يونغ، "يجب على الأباء تقليل استخدام عبارة "لأنني الأب/الأم، وقلت ذلك" والتحدث مع الأطفال حول سبب أهمية معتقدات وسلوكيات معينة". 


  • كن ثابتًا دائمًا على مبدئك


قالت الدكتورة باديلا ووكر "إذا التزم الأباء بقيمهم في بعض الأحيان أو إذا كانت الأم فقط هي التي تشدد على القيم والأخلاق وليس الأب، فسيكون من الصعب على الطفل أن يدرك القيم بوضوح". ولهذا كن ثابتًا على موقفك دائمًا، فلا تتراجع أو تُغيّر رأيك في أمر قد وضحته لطفلك من قبل لأي سبب كان. ويجب أيضًا أن تكون متناغمًا مع شريك حياتك وأن تحددان سويًا نفس القيم التي ترغبان في غرسها في طفلكم، حتى لا تكون الطرف الوحيد الذي يشارك في التربية الصحيحة للطفل. على سبيل المثال، إذا أردت أن يقدر طفلك تعليمه ومدرسته، فلا تتساهل مع حضوره وواجبه المدرسي؛ إن إعطاء أهمية لتعليم طفلك سيجعله يدرك أنك تقدّر عمليته التعليمية، وبالتالي سيقدّرها هو الآخر.


  • كن قدوة لطفلك 


قالت الدكتورة لورا ماركهام، أخصائية علم النفس وخبيرة الأبوة والأمومة، في مقالة في مجلة Psychology Today "قد لا يفعل الأطفال دائمًا ما نقوله، لكنهم سيفعلون في النهاية ما نفعله. إن معظم ما يتعلمه الأطفال حول كيفية التصرف يكون دائمًا عن طريق أفعالنا". عندما نكذب على شخص ما على التليفون بشأن عدم وجود أحد أفراد العائلة في المنزل وهو بالفعل في المنزل، يتعلم الطفل أن عدم الأمانة سلوك جيد. وعندما نكذب بشأن سن الطفل لإدخاله بدون تذكرة إلى الملاهي، يتعلم الطفل أن الغش أمر جيد. وعندما نسرع في القيادة، نعلمه أن خرق القوانين أمر جيد طالما لم تقبض علينا الشرطة. تذكر دائمًا أن للأفعال صوت أعلى من الأقوال وأنك إذا أردت أن تُعلّم طفلك شيئًا، عليك أن تفعله أمامه. 


  • ابني رابطًا قويًا بينك وبين طفلك


 من المرجح أن يتقبل طفلك أي شيء منك إذا كانت علاقتكما قوية، وهذا يسهل كثيرًا في عملية غرس القيم فيه. تقول الدكتورة لورا ماركهام "عندما يشعر الأطفال بأنهم قريبون من أبائهم، تجدهم يريدون اتباعهم. ولهذا السبب، الترابط هو 90% من التربية. إلى أن يشعر الطفل بهذا الترابط والاتصال والتفاهم، لن يكون منفتحًا لاتباع أي اتجاه نريد أن نرسمه له."  كما أضافت "التواصل ليس شيئًا تفعله مرة، بل عليك أن تُعيد الاتصال بطفلك يوميًا." وفقًا لدينيس بوب، الباحث والمحاضر في جامعة ستانفورد والمؤسس المشارك لـ Challenge Success، يحتاج الأطفال الصغار والمراهقون إلى ثلاثة أنواع من الترابط مع والديهم يوميًا، وهم: وقت اللعب، وقت الراحة، ووقت الأسرة. 


الإجابة على أسئلة طفلك المستمرة، والثبات على قراراتك ومواقفك، وإيجاد نقطة تواصل بينك وبين طفلك، هم الأساس عندما نتكلم عن غرس القيم الحميدة في أطفالنا. ولكن لا تنسى أيضًا أن تكون ما تريد أن يصبح عليه طفلك، كن قدوته في كل شيء، وهذا لا يعني ألا تخطئ، هذا يعني أن في لحظة الخطأ، لا تخاف أن تعتذر، حتى وإن كان لطفلك، لأن ذلك سيعلمه أن يعتذر عند الخطأ. ابتعد تمامًا أيضًا عن أسلوب التخويف لأنه لا يأتي بأي نتيجة، وإن كان أتى بنتيجة في بداية الأمر، ستجده لا يجدي بعد فترة قصيرة. ولا تنس أن تتواصل مع شريكك في الحياة وأن تكونا أنتما الاثنان على نفس النهج من التربية حتى تأتيان بنتيجة إيجابية مع طفلكم. 

في الأخبار