كيف تُشجع فريقك في العمل؟

الدكتورة هبه الزعبي

الدكتورة هبه الزعبي

طبيبة

تحاول العديد من المنظمات والشركات التحوّل من نموذج القيادة الاستبدادية إلى نموذج تمكين العمال والموظفين. وكما تكتشف الشركات، فإن هذا التحوّل  ليس بالأمر السهل. فهو يتطلب سلوكيات وطرق تفكير جديدة لكل من المديرين التنفيذيين والموظفين. ويعد التوسع في العمل عن بعد أثناء جائحة فيروس كورونا لا يؤدي إلا إلى تفاقم المشكلة. حيث يتم تكليف المديرين بضمان تنفيذ المهام المكلفة إليهم بشكل لا تشوبه شائبة، ولكنهم الآن أقل تواصلًا بفرقهم وهو ما يؤثر سلبًا على أداؤهم، فقد تم إثبات أن العمل وجهًا لوجه مهم للغاية في العلاقات داخل الفريق والإنتاجية في العمل.

ما هو التمكين؟

 
في كثير من الأحيان، يُساء فهم التمكين. يمكن تفسيره على أنه يعني أن المديرين والقادة يتخذون نهج عدم التدخل، ويخبرون الموظفين أن يتحملوا المسؤولية كاملة وحدهم. وهو الأمر الأشبه بالإهمال. لذلك فالتمكين هو عملية نشطة. حيث أنه ينطوي على تدريب أعضاء الفريق على التكيّف، واتخاذ القرارات، واستخدام وقت أقل من وقت مديريهم في الأشياء التي لا تتطلب الاهتمام والتدخل من مديريهم.

 
بدون تدريب أو توجيه حول كيفية التمكين، غالبًا ما يتوقف المديرون ببساطة عن تقديم التوجيه والسماح للموظفين باكتشاف المشكلات بأنفسهم. المشكلة هنا أن هذا نادرًا ما يكون له تأثير إيجابي. إذا كان الموظفون لا يؤمنون بشكل أساسي بضرورة التغيير وأن يكون لديهم الوضوح بشأن ما يفترض أن يغيروه، فلن يستطيعوا ذلك. قد يؤدي أيضًا إخبار الموظفين بمعرفة المشكلة وحلها من تلقاء نفسهم إلى إبطاء عملية التعلم والأداء، وذلك لأن الموظفين لا يتعلمون بالضرورة. يخلق أسلوب "الإهمال" حلقة يصعب كسرها. قد يطلب الموظفون الذين لا يعرفون ماذا يفعلون المساعدة، لكن عندما لا يحصلون على إجابة واضحة ومباشرة (كما اعتادوا)، فإنهم ببساطة يلجأون إلى السلوك السابق وهو الإهمال. حيث أنه مسار مثبت يعكس استجابة قائمة على الخوف، وهذا هو عكس التمكين.


إن تمكين الموظفين يعني طرح أسئلة جيدة تدفعهم إلى التفكير في المشكلة. على سبيل المثال، بدلاً من قول: "إن فريق المبيعات يحتاج إلى زيادة عدده" اسألهم، "كيف يمكن لفريقك المساعدة في زيادة المبيعات بنسبة 3٪ في الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة؟" بهذه الطريقة، يكون للمديرين والقادة دور مختلف تمامًا، وهو المساعدة في تحديد المشكلة وتشكيلها، بحيث يتم تمكين الفريق لتطوير حلول جديدة.

لماذا يُمثّل التمكين تحديًا للمديرين؟

 
يتطلب التمكين تحولًا ذهنيًا للعديد من الأشخاص في الفريق: القائد، والمدير، والموظف. وفقًا لمجموعة من الاستطلاعات المستمرة التي أجرتها مؤسسة غالوب منذ عام 2000، فإن 30% فقط من الموظفين يعتبرون "منخرطين" في عملهم. كما تحددها مؤسسة غالوب، تعني كلمة "منخرطون" "مشاركين بشكل كبير، ومتحمسين، وملتزمين بعملهم وأماكن عملهم." ارتفع هذا الرقم في السنوات الأخيرة إلى 35% في عام 2019، لكن من المتوقع أن يكون لوباء الكورونا تأثير كبير ومن المحتمل ألا يكون هذا التأثير للأفضل.

 
باستخدام أرقام ما قبل الجائحة، وجدت غالوب أيضًا أنه على مدار نفس فترة العشرين عامًا، فإن 17% من الموظفين "غير مندمجين بشكل نشط،" مما يعني أن لديهم تجارب سلبية للغاية في العمل وغالبًا ما ينشرون التعاسة والسلبية للآخرين. في حين أن هذا الرقم قد انخفض إلى 13% في عام 2019، إلا أنه لا يزال يعني أن موظفًا واحدًا على الأقل من بين كل 10 من موظفيك ينسحب من السفينة. إنهم لا يريدون العمل، ناهيك عن التمكين والقدرة على أن تتخذ قرارات. في المتوسط ​​على مدار العشرين عامًا الماضية، لا يريد 70% من الموظفين أن يتم تمكينهم، فهم بالكاد يريدون العمل. وهذا يعد تحدٍ تحفيزي هائل.

كيفية العمل على إشراك الموظفين المنفصلين

 
أظهرت الأبحاث أن القضايا التحفيزية تنقسم إلى ثلاث فئات:
 

1-    الأداء، أو القدرة على إتقان الفرد للمسئوليات.

2-    الملائمة التنظيمية، أو ما إذا كان المرء يشعر بالقبول من قِبل زملائه وقادر على المساهمة بشكل كامل أم لا.

3-    الصورة الذاتية، أو ما يعطينا إحساسًا بالإشباع وتقدير الذات.

 
قد يعاني ثلث الموظفين غير المنخرطين في التعامل مع واحدة أو أكثر من هذه القضايا. على سبيل المثال، "ليزا" وهي معالج عمليات. بالنسبة للجزء الأكبر، دورها روتيني. يأتي لها أمر بعمل مهمةٍ ما، ثم تتحقق للتأكد من إتمام كل شيء بشكل صحيح وأن لديها تعليمات واضحة لاتباعها. إذا كان الأمر كذلك، فإنها تؤدي الروتين الخاص بعملها. إذا لم يكن كذلك، فإنها ترسله مرة أخرى لمديرها، مشيرة إلى وجود خطأ ما. فهي عملية مباشرة، بالشكل الذي يجعلك تشعر أنها مبرمجة. لذلك ليس لدى "ليزا" حقًا العوامل المُحفزة التي يجب العمل عليها لمساعدتها في التطور، ما لم يتم تغيير دورها أو توسيعه. في الواقع، يشير مديرو "ليزا" إليها وإلى زملائها من أمثالها إلى أنهم لا يستحقون الاستثمار فيهم. 

وبمرور الوقت قد تشعر ليزا بالملل، حيث تشعر بأنها غير قادرة على الارتقاء إلى مستوى إمكاناتها من خلال دورها المحدود. قد لا تشعر بأنها تنتمي إلى المنظمة، مما يمكن أن يؤدي إلى جعل صورتها الذاتية أمام نفسها غير جيدة، وذلك لأنها سوف تفكر أنه نظرًا لأن العمل الذي تقوم به لا يمثل تحديًا أو مهمًا، فهي أيضًا لا تمثل أهمية بالنسبة للشركة وزملائها. بدون طرح أسئلة على "ليزا" ومحاولة فهم قضاياها التحفيزية، من المرجح أن يقوم المدراء والقادة بشطبها. حيث أن المديرين التنفيذيين يقوموا بصنع قصصهم الخاصة عن الأشخاص الذين يبدو أنهم يعانون في العمل. كما يقوموا بإطلاق الأحكام، مثل أنهم كسالى، ولا يفهمون، ولا يريدون العمل. نادرًا ما يقضون الوقت لمساعدتهم على اكتشاف ما يعانون منه حقًا، مما يؤدي إلى تضخم المشكلة.

إن تمكين الموظفين ممن لا يريدون حقًا أن يتم تمكينهم يعني التعرف على ما يحفزهم، وما الذي يجعلهم يتخذون القرارات؟ واستخدام ذلك لتحويلهم إلى موظفين مشاركين ونشطين. إنها معركة صعبة للغاية يواجهها العديد من المديرين في الكثير من الشركات كل يوم. ولكن بالمحاولة في اكتشاف ما يحفز الموظفيين والمساعدة في تمكينهم، تكون قد ساعدتهم على التكيف مع الحياة. وأصبحت وظيفتك في إدارتهم أسهل بكثير من قبل.

في الأخبار