٣ خرافات حول العواطف في مكان العمل

الدكتورة هبه الزعبي

الدكتورة هبه الزعبي

طبيبة

الغضب، والإثارة، والإحباط، والفخر، والتوتر، إنها عواطف موجودة في كل مكان عمل، فلماذا نتظاهر بأنها غير موجودة؟ يتم تصنيف الأشخاص ذوي الحساسية العالية باستمرار على أنهم الأفضل أداءً من قِبَل مديريهم. وتُظهر الأبحاث التي أجرتها جوجل أيضًا أن الفِرَق التي يشعر فيها أعضاء الفريق بالحرية والأمان للتعبير عن مشاعرهم، ومخاوفهم، واهتماماتهم تكون أكثر إبداعًا وإنتاجية لأنه ببساطة الاعتراف بمشاعرك والمشاكل التي تواجهها - ينمي ذكائك وراحتك النفسية، ويمكن أن يجعلك أكثر سعادة، وراحة، وفعالية في العمل. دعونا نناقش ثلاثة من أكثر الخرافات  شيوعًا حول العواطف وإدارة المشاعر في مكان العمل.


1- الخرافة الأولى: لا مكان للعواطف في العمل


هناك العديد من الاختلافات بخصوص هذا الأمر، وهذا لأنه في بعض الأحيان، سيُطلب منك فصل عواطفك عن العمل تمامًا، أو ربما تقول أنت لنفسك أنك لا تريد أن تبدو "عاطفيًا بشكل زائد" عندما يقدم لك أحد أي ملاحظة سلبية على سبيل المثال. ومع ذلك، فإن تجاهل مشاعرك يعد أمرًا خاطئًا للغاية. هناك ثروة من الأبحاث النفسية التي تشير إلى حقيقة أن كبت مشاعرك ليس مفيدًا، ويمكن أن يأتي بنتائج عكسية بشكل كبير. الأمر أشبه بمحاولة حمل كرة تحت الماء - عندما تحاول حملها يكون سطح الماء أملسًا وهادئًا، لكنك تضع كل طاقتك وجهدك في الضغط على الكرة، ثم عندما تخفف قبضتك، تقفز الكرة إلى السطح مُحدثة تناثرًا كبيرًا، وحتى قد تصدمك في وجهك.


هذا التشبيه مثيل لكبت المشاعر ومحاولة إخفائها، حيث يكون الضغط على عدم إظهار ردود أفعالك العاطفية مرهقًا. إنه يهدر الإبداع والطاقة اللذان يمكن أن تستخدمهما بطرق أخرى في العمل. كما أنه يجعل تلك المشاعر السلبية أقوى وأكثر تأثيرًا. والأهم من ذلك، أن محاولة كبح مشاعرك السلبية ستؤدي إلى صعوبة الشعور بالمشاعر الإيجابية مثل الفرح، والإثارة، والتواصل. الحقيقة هي أن عواطفك تُعد إشارات تعطيك معلومات مهمة حول احتياجاتك أو الإجراءات التي يمكنك اتخاذها لتشعر بتحسن. لذلك، إنها مصدر قيّم للبصيرة.


الخرافة الثانية: إن التحدث عن مشاعرك في العمل نقطة ضعف وغير مُجدي 


إن التعبير عن المشاعر مفيد جدًا حتى تكون قادرًا على فِهمها وتعرف كيف تنظمها وتتعامل معها. باستخدام الكلمات الصحيحة للتعبير عن مشاعرك، سيكون من السهل نقل معالجة تلك المشاعر من "مركز التنبيه" إلى "قشرة الفص الجبهي" في المخ، وهذا هو الجزء المسؤول عن فهم الأشياء وتخطيط الإجراءات المناسبة. إن التعبير عن مشاعرنا وأفكارنا هو الخطوة الأولى نحو جعل عواطفنا تعمل لصالحنا بدلاً من أن تكون ضدنا وتؤثر علينا بشكل سلبي في مكان العمل. تدرّب على ذلك من خلال التحدث مع زميل مقرب لك أو حتى مع قائدك بما تواجهه دون الشعور بالخجل أو الضعف، سيساعدك هذا على أن تصبح أفضل في التعرّف على مشاعرك والتعامل معها، وفي نفس الوقت، لن يكون بداخلك مشاعر مكتومة تعيقك عن قيامك بعملك على أفضل وجه. 

 

الخرافة الثالثة: البكاء يفسد حياتك المهنية


الكثير من الناس يضغطون على أنفسهم بشكل كبير ويخشون أن البكاء سيقضي على سمعتهم في الشركة. إنه أمر منطقي لأنه دائمًا ما تم وصم التعبير العاطفي في مكان العمل. لكن الضغط الشديد على نفسك ومحاولة كتمان مشاعرك وعدم التعبير عنها أبدًا هو أمر غير واقعي، بل يمكن أن يكون ضارًا ويؤثر بالسلب. عند حدوث أي مشكلة في العمل، إذا أصبحت عاطفيًا، اعترف بذلك. من الأفضل عادةً الاعتراف برد فعلك بدلاً من محاولة التظاهر بأنك بخير. لذلك، لا تخشى من طلب الانفراد مع نفسك قليلًا أو حتى الرغبة في البكاء إذا انتقدك مديرك أو حدث مشكلة في العمل أثرت عليك. فلا داعي - ولا يجب - الاعتذار عن رد فعلك طالما تصرفت بذكاء ولم تندفع.


نصائح:


  • يمكن أن يكون هناك الكثير من المشاعر في اتخاذ القرارات في العمل. ما هي الطريقة الجيدة لاستخدام العاطفة للمساعدة في اتخاذ قرار؟


فكرة أننا نتخذ قرارات عقلانية دون أي مشاعر خاطئة، لكن ليس كل المشاعر يجب أن تُقاس بالتساوي. يجب أن نقسم مشاعرنا إلى نوعين مختلفين من المشاعر. أحدهما هو المشاعر ذات صلة بالقرار، والآخر هو المشاعر التي ليس لها صلة. ترتبط المشاعر ذات الصلة ارتباطًا مباشرًا بالخيار الذي تواجهه والقرار الذي يجب أن تتخذه. على سبيل المثال، أنت تفكر ما إذا كان يجب عليك أن تطلب ترقية أم لا، إذا كانت فكرة السؤال تجعلك تشعر بالرهبة، فهذا شعور مناسب وطبيعي. لذا، القاعدة الأساسية لدينا هي الحفاظ على المشاعر التي هي ذات صلة بالموقف الذي نواجهه، ونتجاهل المشاعر التي ليس لها صلة بالموضوع.


  • ماذا عن التعامل مع زميل محبط، ما هي الطريقة الأكثر إنتاجية للتعامل مع تلك المشاعر، بدلاً من مجرد التنفيس عن غضبنا مع زميل آخر في العمل؟


إذا شعرت بالغضب من زميل مُحبط، فإن التنفيس عن تلك المشاعر مفيد لفترة قصيرة من الوقت، إذا كنت تفعل ذلك مع شخص تثق به. لكن، التنفيس يصبح سلبيًا ويضر في الواقع بك عندما يتحول إلى اجترار، ففي هذه الحالة، أنت لم تتجه بعد إلى محاولة حل المشكلة. إن القاعدة التي يجب أن تتبعها هي بضع دقائق من التنفيس، ثم بمجرد أن تصبح أكثر هدوءًا، اسأل نفسك: "كيف يمكن أن أتصرف؟" أو "هل أحتاج إلى إجراء محادثة صادقة مع هذا الشخص؟" إن الذكاء العاطفي هو كيف تختار الرد وطريقة التواصل الصحيح عندما تكون غاضبًا في مكان عملك. 

إن احتضان المشاعر والتعبير عنها بشكل فعال ضروري ليصبح الجميع في بيئة عمل أفضل. فالاحتراف في العمل لا يعني بالضرورة أنه يجب عليك قمع أي عاطفة أو مشاعر. فجميعنا لدينا مشاعر نحتاج للتعبير عنها والتعامل معها - داخل وخارج المكتب. وفي نهاية المطاف، تُعتبر العواطف أساسية في أي مكانٍ كنت، والتظاهر بعكس ذلك في مكان العمل هو حماقة. إن إيجاد طرق لتكون ذكيًا عاطفيًا وليس عاطفيًا بشكل مفرط هو المفتاح، وهو ما سوف يخدمك أنت وزملائك للحفاظ على بيئة عمل صحية. 

في الأخبار