كيف يمكن أن يكون التوتر مفيدًا لك؟ 

الدكتورة هبه الزعبي

الدكتورة هبه الزعبي

طبيبة

هل أصابك العنوان بالدهشة؟ غالبًا ما يُنظر إلى التوتر على أنه إحساس سلبي. ويتمثل في مواقف مختلفة في الحياة، مثل تراكم المواعيد النهائية للعمل، وتراكم المشاكل العائلية، والجداول اليومية المزدحمة، تجعلنا نشعر بالضغط الشديد والتوتر.

تقول "كاثلين جونترت"، أستاذة علم النفس في الجامعة الأمريكية: "إن الإجهاد والضغط يحدثان عندما يشعر شخص ما باختلال التوازن بين التحدي الواقع أمامه، والموارد التي لديه للتعامل معها." وقد حدد الباحثون نوعين مختلفين من التوتر: النوع الأول وهو "الضيق"، والذي يشير إلى الضغط السلبي، والنوع الثاني وهو "الإجهاد"، والذي يشير إلى الضغط الإيجابي.


وفقًا لجمعية علم النفس الأمريكية، تم ربط التوتر المزمن، الذي يُعرَّف بأنه "الاستجابة الفسيولوجية أو النفسية لحدث مرهق داخلي أو خارجي طويل الأمد"، بالأكل غير الصحي، ومشاكل الجلد، وحتى زيادة احتمال الإصابة بأمراض مزمنة. ومع ذلك، يقول الخبراء إن الجرعات الصغيرة من التوتر، يمكن أن يكون لها بعض الآثار الإيجابية. وقد وجدت دراسة نشرت عام 2013 في "الجريدة الرسمية للجمعية الدولية لعلم النفس الوراثي،" أن المستويات المعتدلة من التوتر اليومي الذي يمكن التحكم فيه، والمعروف أيضًا بالتوتر المفيد، قد يساعد في الحماية من الضرر التأكسدي، المرتبط بالشيخوخة والأمراض."

إليك بعض الجوانب الإيجابية، وغير المتوقعة لاختبار القليل من التوتر:

التوتر يعزز الدوافع الداخلية


في حين أن التوتر المتزايد يمكن أن يُشعر الشخص بالارتباك، ويقلل من الدافع، إلا أن القليل منه يمكن أن يقطع شوطًا طويلًا عندما يتعلق الأمر ببدء عملك. وتقول "كاثلين جونثرت": "المستويات المتوسطة من التوتر يمكن أن تعزز الدوافع لدينا." على سبيل المثال، يمكن أن يساعد ضغوط المواعيد النهائية، الأشخاص على التركيز وإعطاء المزيد من الاهتمام للعمل الذي بين أيديهم، لأن الوقت ينفد." وأضافت: "لقد مررنا جميعًا بتجربة القول، بأنه يجب أن أقوم بإنجاز كذا وكذا، ولكن لم أتمكن من العثور على الدافع للقيام بذلك. حتى اللحظة التي نشعر فيها بالتوتر، لأنه حان موعد تسليم هذا العمل في اليوم التالي، وفجأة تجد أن الدافع أصبح موجودًا." حيث أن نظرية الكر والفر يمكن أن تدفعنا إلى الاستعداد في بعض الأحيان.


التوتر يمكن أن يساعد في زيادة المرونة والنمو


يقول "بيتر فيتاليانو"، أستاذ الطب النفسي والعلوم السلوكية في كلية الطب بجامعة واشنطن: "على الرغم من أن التوتر يمكن أن يُشعر الناس بالارتباك، إلا أنه يجبرهم أيضًا على حل المشكلات، وبناء الثقة، والمهارات المهمة للتجارب المستقبلية في نهاية المطاف. فمع زيادة المرونة والثقة، يميل الناس إلى الشعور بقدر أقل من التهديد، والقدرة على السيطرة على مواقفهم."


وتقول "أليسون بيروالد"، أخصائية اجتماعية إكلينيكية مرخصة في مدينة نيويورك "إن استخدام الضغط لمواجهة مخاوفك أو تحدياتك، يمكن أن يساعدك أيضًا في العمل والتعلم من خلال التجارب بدلًا من تجنبها. بعد مواجهة الخوف، سوف تشعر بأنك أكثر استعدادًا للتعامل معه في المستقبل، لأنك قد جربته بالفعل من قبل."

التوتر يمكن أن يعزز الترابط


واحدة من أكثر فوائد التوتر إثارة للدهشة، هي أنه يمكن أن يساعد في بناء العلاقات الشخصية، والتي تعتبر أساسية للصحة العامة. وتقول "كاثلين جونترت"، أستاذة علم النفس في الجامعة الأمريكية: "الاتصال الاجتماعي هو أحد أكثر عوامل الحماية من مشاكل الصحة الجسدية والعقلية." حيث أن الناس عندما يشعرون بالحب والفهم من قبل شخص آخر، فإنهم يشعرون بالوحدة والعزلة بدرجة أقل.


يقول "بيتر فيتاليانو": "إن مجموعات الدعم، على سبيل المثال، هي مكان رائع للأشخاص للتحدث عن ضغوطهم مع الآخرين، مما يؤدي إلى بناء التعاطف، وبالتالي زيادة الهرمونات الإيجابية." ويضيف "فيتاليانو": " أنه من خلال الانفتاح على بعضهم البعض، فإن الناس يشعرون بتحسن لأنهم يستطيعون التعامل مع صراعات بعضهم البعض، والتحقق من مشاعرهم، مما يخلق الإيجابية من التجارب السلبية."


وتقول "جونترت": "يمكن للتحدث مع الاصدقاء والعائلة بناء العلاقات وتقويتها أيضًا. حيث أن الكثير من صداقاتنا أو علاقاتنا العائلية لن تكون هي نفسها، إذا لم ندعم بعضنا البعض خلال الأوقات العصيبة."


التوتر هو جزء من الحياة ذات المعنى


تقول "كاثلين جونترت" : "الحياة بدون ضغوط ليست بالضرورة أن تكون أفضل. خذ على سبيل المثال، طالبًا في السنة النهائية. التنافس بينه وبين زملائه شديد، ويمكن أن تكون الدورات الدراسية صعبة، وبعد التخرج، يمكن أن يكون الانتقال من الإعداد الأكاديمي إلى الأعمال التجارية عملية تعليمية. ومع ذلك، في النهاية، سوف يشعر هذا الشخص أنه أنجز شيئًا يفخر به". وتضيف : "الأشياء التي نفخر بها، والتي تجلب المعنى الأكبر لحياتنا هي الأشياء الصعبة. فنحن إذا قضينا على التوتر، سوف نمحو في الغالب الكثير من المعنى المتواجد في حياتنا."


التوتر يساعد على تعزيز القدرات العقلية


تعمل الضغوطات منخفضة المستوى على تحفيز إنتاج مواد كيميائية في الدماغ، والتي تسمى مواد التغذية العصبية، وتقوي الروابط بين الخلايا العصبية في الدماغ. يقول الدكتور "ريتشارد شيلتون" نائب رئيس قسم الأبحاث في قسم الطب النفسي في جامعة ألاباما برمنغهام : "في الواقع، قد تكون هذه هي الآلية الأساسية التي تساعد بها الضغوط على زيادة الإنتاجية والتركيز. ويضيف أن الضغوطات النفسية قصيرة المدى يمكن أن يكون لها تأثير مماثل أيضًا. بالإضافة إلى ذلك، أشارت الدراسات التي أجريت على الحيوانات إلى أن استجابة الجسم للتوتر يمكن أن تعزز الذاكرة بشكل مؤقت ونتائج التعلم."

حتى هذه اللحظة ، ربما كنت ترغب في كبح التوتر، والتخلص منه إلى الأبد. والآن بعد أن أصبحت على دراية بالفوائد الصحية المدهشة للتوتر، تذكر أنه يمكن أن يكون صديقًا لم تكن تعلم أنك تريده. المفتاح هو تحديد التوتر الجيد والاستفادة منه. وطالما أنه ليس مزمنًا، يمكن أن يكون التوتر إضافة إيجابية لحياتك.

في الأخبار